أبوظبي

ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، شهدت الجلسات الفكرية ندوة بارزة ألقاها الدكتور محمد عثمان الخشت، مستشار الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، تناول فيها إشكالية الجمود المعرفي وأثره في إعاقة التطور الاقتصادي والاجتماعي، مشددًا على ضرورة تبنّي أنماط تفكير جديدة ترتكز على الابتكار والتحليل النقدي.

في كلمته، ركّز الدكتور الخشت على التحديات التي تواجه المجتمعات النامية، والتي لا تكمن في نقص الموارد فحسب، بل في هيمنة ما وصفه بـ”العقل الجامد”، الذي يكرر المألوف ويعادي التجديد، في مقابل “العقل الفعّال”، الذي يُسهم في بناء اقتصاد معرفي قادر على التكيّف مع تحولات العصر.

وأوضح أن الاقتصادات الحديثة لا تُبنى فقط على التكنولوجيا والبنية التحتية، بل على منظومات فكرية مرنة، ترى المعرفة كمورد منتج ومتجدد، لا كموروث مغلق. وشدد على أن التحول نحو اقتصاد رقمي حقيقي يبدأ من تغيير نمط التفكير، واعتماد العقل النقدي بوصفه أداة أساسية لفهم الواقع وصياغة الحلول.

وأشار الدكتور الخشت إلى أهمية بناء بيئة تعليمية وبحثية تُشجع على التفكير التحليلي، وتُحرر الأجيال الجديدة من النزعة التلقينية، من أجل تطوير كفاءات بشرية قادرة على إنتاج المعرفة، وإدارة المشاريع الرقمية والابتكارية بكفاءة.

كما تحدث عن ضرورة ربط التعليم بالاقتصاد، مؤكداً أن العقل الفعّال لا يعمل في الفراغ، بل يتشكل ضمن منظومة تؤمن بدور المعرفة في تعزيز الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة. وأوضح أن العديد من الدول التي حققت قفزات اقتصادية ملموسة لم تبدأ من الموارد الطبيعية، بل من الاستثمار في العقول والتكنولوجيا، وتبني مقاربات جديدة في التفكير والإدارة.

وفي ختام مداخلته، دعا الدكتور الخشت إلى تبني نموذج فكري جديد في العالم العربي، ينطلق من الوعي المعرفي والتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية، ويسعى إلى تأسيس اقتصاد رقمي قادر على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، ضمن بيئة تشجع الإبداع وتحفّز التحول المستدام.

وقد لاقت الجلسة تفاعلًا واسعًا من الحضور، من أكاديميين وباحثين ومهتمين بالشأن المعرفي والاقتصادي، الذين أثنوا على أهمية الربط بين التحول الفكري والتحول الرقمي، واعتبروها دعوة ملحّة لتجديد المنطلقات الفكرية التي يقوم عليها مستقبل الاقتصاد العربي.