رؤية مصر للذكاء الاصطناعي والأثر الاقتصادي

...
التاريخ: 10 - 04 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

تقف مصر أمام لحظة فارقة للاستثمار فى قطاع الذكاء الاصطناعى لتعزيز نموها الاقتصادى وتقدمها الاجتماعى. الطموح المُعلن فى الرؤية الوطنية يتجسد فى دمج الذكاء الاصطناعى بصورة فعالة عبر مختلف القطاعات، بما يُمكن من تحقيق قفزات نوعية فى مسارات التنمية المستدامة. الهدف المنشود، وفقًا للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى، يتمثل فى رفع مساهمة الذكاء الاصطناعى لأكثر من 42.7 مليار دولار فى الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2030، أى ما يعادل 7.7% من الناتج المحلى بحلول عام 2030.

من اللافت على المستوى العام، بأن البنية الرقمية فى مصر تشهد تطورات متسارعة، مع مبادرات التحول الرقمى فى القطاع الحكومى وزيادة الشمول المالى بين السكان، حيث أصبح لدى 56٪ من البالغين فى مصر حساب بنكى، ومن المتوقع أن تصل حسابات المحافظ النقدية إلى 57.9 مليون بحلول عام 2025. تمهد هذه الجاهزية الرقمية الأرضية الخصبة لتكامل الذكاء الاصطناعى عبر قطاعات متعددة.

وتقوم الحكومة المصرية، بالشراكة مع عمالقة شركات التكنولوجيا العالمية، بتبنى مسارات استراتيجية لتطوير البنية التحتية الرقمية والتحول الرقمى وتوفير بيئة مواتية لتطبيقات الذكاء الاصطناعى. هذه الشراكات بإمكانها أن تفتح آفاقًا واسعة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى والتى تعد بإحداث ثورة فى قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة، والسياحة، والخدمات المالية، ويعزز من كفاءة الخدمات ويقدم حلولًا مبتكرة للتحديات المعاصرة.

على سبيل المثال، فى قطاع الرعاية الصحية، يمكن للذكاء الاصطناعى إحداث تطورات ثورية فى أساليب التشخيص والعلاج وتطوير الأدوية، وتحسين نتائج المرضى وتقديم الرعاية الصحية. كما يمكن لأدوات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعى تحسين تجارب التعلم وتكييف التعليم مع احتياجات الطالب الفردية، وصقل الطلاب بالمهارات المطلوبة. فى الزراعة، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعى زيادة المحاصيل الزراعية، وتحسين استخدام الموارد، وتعزيز كفاءة سلاسل التوريد، وتدعيم الأمن الغذائى والإنتاجية الزراعية. فى قطاع السياحة، يمكن للذكاء الاصطناعى تحسين تجارب السياح من خلال التوصيات الشخصية، والمساعدة الافتراضية، وتحسين تقديم الخدمات، وتحسين إيرادات السياحة. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعى فى الخدمات المالية من شأنه أن يسهم فى مكافحة الاحتيال، وتحسين الخدمات المصرفية، وتبسيط العمليات المالية، وتحقيق شمول مالى أوسع وكفاءة أكبر.

ولكى تستفيد مصر من الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعى، من الضرورى لصانعى السياسات معالجة بعض التحديات القائمة بما فى ذلك الفجوات فى المهارات، والحاجة إلى بنية تحتية رقمية قوية، وتأمين التمويل الكافى لمشاريع الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لقيادة الابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، والاستثمار فى برامج التعليم والتدريب لبناء قوة عاملة ماهرة قادرة على دفع تطور الذكاء الاصطناعى، وتبنى الأطر التنظيمية والمعايير التى تضمن استخدام الذكاء الاصطناعى بطرق مسؤولة وتعزز الاستخدامات الأخلاقية والمؤثرة اجتماعيًا، وذلك لكسب ثقة الجمهور وضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنيات فى خدمة المجتمع.

وبالنظر إلى الإمكانيات الواسعة التى يحملها الذكاء الاصطناعى، والجهود المبذولة على الصعيد الوطنى لتبنيه، يظل التفكير النقدى والتحليل العميق أساسًا لفهم كيفية توظيف هذه التقنية فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر.