حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي العالمي يسجل 12 تريليون دولار حاليًا.. ومن المتوقع أن يرتفع لأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي خلال 2023
مستشار مجلس الوحدة الاقتصاد يطرح 5 توصيات لراسمي السياسات لأخذها في الاعتبار في الخطط القصيرة والمتوسطة المدى
ألقى الدكتور علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية، ورئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، كلمة خلال فعاليات مؤتمر “مستقبل تكنولوجيات الخدمات المالية” الذي أقيم تحت عنوان: “النهوض بالاقتصادات في عالم ما بعد كوفيد 19” خلال يومي 19 و20 أكتوبر برعاية كلٍ من مؤسسة النقد العربي السعودي، ومجموعة العشرين ضمن برنامج المؤتمرات الدولية المقامة كفعاليات مصاحبة لعام الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين، بمشاركة نخبة من المتحدثين المحليين والعالميين في القطاع المالي، وأكثر من 4000 مشارك.
بدأ “الخوري” حديثة مسلطًا الضوء على الاقتصاد الرقمي الذي تتزايد أهميته وسبل توظيفه لاجتياز أزمة كوفيد 19، مشيرًا إلى أن مساهمة الاقتصاد الرقمي تشكل نحو 12 تريليون دولار بما يمثل نسبة 15.5% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن المتوقع أن ترتفع مساهمته لأكثر من النصف خلال عام 2023، مدفوعًا بالتحولات الرقمية في المؤسسات والمنتجات والخدمات.
ثم استعرض “الخوري” مؤشرات الاقتصاد الرقمي في عدد من اقتصاديات العالم الكبرى قائلًا: “يشكل الاقتصاد الرقمي نحو 22% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية ونحو 30% في الصين، كما تزيد أو تقل النسبة بعض الشيء في دول الاتحاد الأوروبي، لذا نجتمع اليوم بالنظرة العالمية للاقتصاد الرقمي باعتباره أحد المحركات الأكثر فاعلية للابتكار والنمو، وكذلك في توليد تأثير مضاعف في سلاسل القيمة في قطاعات مختلفة، حيث على سبيل المثال نجح الاقتصاد الرقمي في الصين في توفير حوالي 200 مليون وظيفة عام 2018 وفقاً للبيانات الرسمية.”
وأضاف: “بانتقال الحديث لمنطقتنا العربية نجد أن دراستنا تشير إلى أن حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في المنطقة يسجل متوسط قدره 12%، مقارنة بمتوسط عالمي بلغ 16%، وهو ما يعني وجود فرص كبيرة لزيادة هذه النسبة، وتحسين الظروف الاقتصادية المتردية الحالية في المنطقة العربية، حيث أشارت دراساتنا أيضًا إلى أنه في حالة وجود استراتيجيات دقيقة وشاملة فإن حجم الفرص الكامنة من الممكن أن يصل إلى 3 تريليون دولار يمكن تحقيقها في وقت قصير لا يتجاوز 10 سنوات.”
وتابع حديثه قائلًا: “كما تعلمون قد جاءت جائحة كورونا على حين غرة وقلبت الخطط رأسًا على عقب، فوفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي الأخير الصادر في أكتوبر الجاري، بلغ إجمالي الخسائر والنفقات العالمية خلال التسعة أشهر الأولى من 2020 ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار وهو ما يمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.”
وأوضح مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية أنه على الرغم من أن الاقتصاد العالمي بدء إلى حد ما في الخروج من الخندق الوبائي، إلا أن استمرار انتشار كوفيد 19 بات يجبر البلدان على اتباع نهج أكثر تباطؤ مع رجوع البعض إلى إجراءات الإغلاق الجزئية، وهو ما يعني أن الاقتصاد العالمي لا يزال عرضة لمزيد من العقبات.
واستطرد حديثه قائلًا: “مع ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، وفي ظل الأزمات التي خلقتها أزمة كوفيد 19، فلا يوجد حل واضح ومباشر للخروج من هذه الأوقات الغامضة، ومع ذلك وبناءا على الدراسات والبحوث والممارسات الدولية، هناك اتجاهات استراتيجية يمكنها المساهمة في تحقيق أهداف الانتعاش الاقتصادي والنمو، حيث نرى أن البلدان التي تستثمر بشكل كبير في التكنولوجيا والرقمنة تمكنت من الحفاظ على مستويات إنتاجية أفضل، ونتفق جميعًا أن الخدمات الرقمية لعبت دورًا محوريا أثناء الجائحة ساهم بشكل كبير في ضمان استمرارية بعض القطاعات، منها التعليم والتجارة الإلكترونية والقطاعات الخدمية الأخرى.”
وأشار إلى أن تأثير التكنولوجيا الرقمية يكمن في قدرتها على إنتاج ثلاثة أضعاف القيمة الاستثمارية في قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، منوهًا إلى الإعلان عن مبادرة استراتيجية في عام 2018، تبناها مجلس الوحدة الاقتصادية وأطلقها من “الإمارات” بعنوان “الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي”، والتي تهدف إلى دعم النمو الاجتماعي والاقتصادي في دول المنطقة من خلال التحول الرقمي، وذلك بما يتوافق مع متطلبات القطاعات الحيوية مثل احتياجات الرقمنة في الحكومات والأعمال التجارية والبنية التحتية وادماج المواطنين في بيئة العمل، بالتوازي مع التركيز على الابتكار والابداع في تصميم الحلول لنماذج الأعمال.
هذا وقدم “الخوري” 5 توصيات رئيسية لراسمي السياسات باعتبارها محاور يمكن تنفيذها على المدى القصير للخروج من الأزمة الراهنة المتعلقة بفيروس كورونا؛ وهي:
أولاً.. الحاجة إلى مزيد من التركيز على الاستثمارات التكنولوجية الهادفة لتسريع التحول الرقمي وتطوير حلول اجتماعية واقتصادية مبتكرة ضمن إطار شامل لبناء مقومات المجتمع والاقتصاد الرقمي.
ثانيًا.. يتعين على الحكومات أن تولي اهتمامًا خاصًا للشرائح السكانية والقطاعات المهمشة من خلال اعتماد نماذج تنموية اجتماعية واقتصادية أكثر شمولا واستدامة، حيث يجب تصميم هذه النماذج برؤية ملهمة لتحقيق الغايات وتحمل المسؤولية على مستوى الأفراد والمؤسسات.
ثالثًا.. حاجة السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل إلى ضرورة إحداث تأثير على الأرض وقدرات يمكن معها تنفيذ التحولات الاستراتيجية المحورية، بجانب الوسائل المتنوعة للتصدي والتعافي من التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا.
رابعًا.. تحتاج الحكومات إلى مراعاة عاملين مهمين في مبادراتها الأول هو التركيز على تحقيق أعلى نسبة مكاسب انتاجية وعوائد استثمارية، هذا بالإضافة إلى العامل الثاني وهو أهمية استيعاب العاطلين عن العمل من خلال خلق المزيد من فرص العمل.
وتطرق “الخوري” إلى النقطة الخامسة والأخيرة والتي تتعلق بالاستثمار في الأفراد؛ موضحًا أن هذا المصطلح معروف جيدًا كموضوع إداري وتنظيمي، لكن من الضروري تناوله على المستوى الحكومي، حيث يتحقق ذلك من خلال تأمين الضروريات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان والإثراء الثقافي ونشر الطاقة الإيجابية في النظام الاجتماعي، خاصة أن جائحة كوفيد 19 تسببت في حالة عالمية من القلق والإرهاق النفسي، كما أدت إلى مواقف وسلوكيات سلبية لدى شرائح كبيرة من السكان تجاه الاحتياطات والإجراءات الصحية.
وأشار إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي أطلقتها في عام 2019، من خلال “برنامج المكافآت السلوكية” الذي يهدف إلى تشجيع المجتمع المحلي على تبني السلوكيات الإيجابية، حيث تم تبني العشرات من السلوكيات الهادفة التي تم تحديدها ومشاركتها مع مؤسسات القطاع العام والخاص، لرصد وتحفيز السلوك الإيجابي لدى الأفراد والمؤسسات ومكافأة الملتزمين بها.
وأكد “الخوري” في ختام كلمته أنه بلا شك؛ يحتاج النجاح في مثل هذه الأوقات الدقيقة والمضطربة إلى مهارة التفكير خارج الصندوق، وهي مهارة تحتاجها الدول لبناء منظومة مرنة وسريعة الاستجابة للمتغيرات.
عن الاتحاد | |
---|---|
المبادرات | |
المعرفة | |
الخدمات | |
المركز الإعلامي | |
اتصل بنا |