الاقتصاد الإسرائيلي يتعرض لأكبر خسارة

...
التاريخ: 17 - 01 - 2024

القاهرة

جريدة الوفد

أ.د علي محمد الخوري

بعد عملية «طوفان الأقصى» التى نفذتها الفصائل الفلسطينية فى السابع من أكتوبر 2023، شهد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة تدهورًا كبيرًا فى الاقتصاد الإسرائيلى، حيث تكبد أضخم خسائر فى تاريخه بعد استمرار الحرب لمدة تقارب 100 يوم. يعود هذا التراجع إلى عدة عوامل، من أهمها السياسات القائمة على الإغلاق بفعل الهجمات المضادة التى شنتها الفصائل الفلسطينية، والتى استهدفت المستوطنات الإسرائيلية فى قطاع غزة، كما تأثرت الاقتصادات المحلية بسبب برامج التخفيف الضريبى لأصحاب المتاجر، وتعثرت حركة السياحة والزراعة والإنتاج بسبب استدعاءات القوات الاحتياطية. وتتوقع وزارة المالية الإسرائيلية حدوث عجز فى إيرادات الدولة السيادية من الضرائب بنحو 12 مليار شيكل بنهاية العام الحالى، فى تغيير عن التقدير الأولى الذى كان يقدر بـ 10 مليارات شيكل، ولكن الخسائر الأخرى وغير المباشرة قد تكون أكثر حدة.

تُظهر الإحصائيات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزى فى تل أبيب، أن أكثر من 750 ألف إسرائيلى فقدوا وظائفهم بسبب انضمامهم إلى الخدمة العسكرية. يعد هذا خسارة ملموسة للاقتصاد الإسرائيلى، حيث كانوا جزءًا أساسيًا من القوة العاملة والمساهمين الفاعلين فى الاقتصاد الوطني، ويشكلون نسبة 18% من إجمالى القوة العاملة فى إسرائيل. ويتوقع البنك المركزى الإسرائيلى أن يتسبب استمرار الصراع مع غزة حتى نهاية العام الجارى (2024) فى تباطؤ معدل نمو الاقتصاد إلى 2% بنهاية هذا العام و1% بنهاية العام المقبل.

وتشير توقعات بنك «جى بى مورغان تشيس» الأمريكى إلى انكماش الاقتصاد الإسرائيلى بنسبة 11%، على أساس سنوى فى الربع الأخير من عام 2023 بسبب الصراع المتصاعد فى غزة. تعتبر تلك التقديرات من بين أكثر التوقعات تشاؤمًا من قِبَلِ محللى وول ستريت حتى الآن، وسط موجة كثيفة من بيع الأصول الإسرائيلية من المستثمرين، والذى أدى إلى انخفاض مؤشر الأسهم الرئيسى فى تل أبيب بنسبة 11% بالعملة المحلية منذ السابع من أكتوبر الماضى، وانخفض معه الشيكل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2012.

وتعتبر أكثر المناطق تضررًا فى إسرائيل نتيجة الهجمات التى شنها حزب الله والآتية من داخل غزة على قلب المدن فى إسرائيل، هى قطاع الشمال على جبهة لبنان وقطاع الجنوب على جبهة غزة، وبشكل رئيسى فى المناطق التى تم إجلاء سكانها، حيث تم تعطيل جزء كبير من النشاط التجارى فى هذه المناطق، مع إجلاء عشرات الآلاف من السكان إلى مدن أخرى داخل إسرائيل. وشكل ذلك عبئًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية، نتيجة تضرر القطاعات الإنتاجية والتجارية بكافة المناطق بالبلاد، كمجالات الترفيه والمطاعم والمقاهى والمناسبات والحفلات والطيران المدنى والسياحة والصناعة.

وقد حذّر البنك الدولى من أن تصاعد الحرب فى غزة قد يسفر عن أضرار قاسية للاقتصاد العالمى الذى يعانى بالفعل وضعًا سيئًا، وأشار إلى آثار مباشرة على السلع الأساسية خاصةً النفط والأغذية.

مآلات مثل هذه الحروب ستكون قاسية، وستؤجج من حالة من عدم اليقين فى الأسواق المالية العالمية، وتتطلب بالضرورة تجديد عملية السلام بمشاركة الجهات الفاعلة العالمية الكبرى، لتهدئة الأزمة والالتزام بالحلول السلمية والمعايير القانونية الدولية. ولا بد أن يتوازى ذلك مع تكاتف عربى لتفعيل القنوات الدبلوماسية لدعم التوصل إلى حل دائم، والعمل على إعادة إعمار القطاع وإنقاذ اقتصاد المنطقة والعالم من التدهور المحتمل نتيجة امتداد ذلك الصراع.