الآثار والسياحة في مصر

...
التاريخ: 26 - 06 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

تعد مصر من أغنى دول العالم بالآثار القديمة، حيث تحتوى على أكثر من 100 هرم وآلاف المواقع الأثرية والمجسمات التاريخية. تعد هذه الآثار ثروة ثقافية وتاريخية هائلة يمكن الاستفادة منها بشكل كبير لتنمية السياحة وزيادة الدخل القومى. وفقًا لبيانات 2023، وصل عدد السياح إلى 14.9 مليون سائح، وبلغت الإيرادات 15 مليار دولار، وهى أعلى نسبة منذ عام 2010.

الحكومة المصرية تستهدف جذب 30 مليون سائح خلال السنوات الخمس القادمة، وهو هدف طموح ولكنه قابل للتحقيق إذا ما تم تنفيذ الخطط بشكل فعال. تحقيق هذا الهدف يتطلب بلا شك استثمارات ضخمة فى البنية التحتية السياحية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة، وزيادة الترويج للسياحة الأثرية على المستوى الدولى. تشير التقديرات إلى أن السياحة يمكن أن تسهم بحوالى 11.4% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، مما يجعلها أحد أهم قطاعات الاقتصاد المصرى.

ولما للسياحة الأثرية من تأثير على الاقتصاد الوطنى، من الأهمية أن تركز الحكومة المصرية على عدة محاور رئيسية. أولًا، تحديث وتطوير البنية التحتية السياحية فى مصر يعد ضرورة مُلحة. فشبكات النقل التى تربط بين المواقع الأثرية والمدن الكبرى يجب أن تكون فعالة ومتكاملة. الاستثمارات فى بناء وتحديث الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية ستسهم فى رفع مستوى الخدمات المقدمة، وتحسين تجربة السياح. على سبيل المثال، يمكن لتطوير شبكة السكك الحديدية والطرق السريعة أن يسهل حركة السياح بين المواقع الأثرية المختلفة، ويدعم جاذبية مصر كوجهة سياحية متميزة.

الترويج للسياحة الأثرية يعتبر جزءًا أساسيًا من هذه الجهود، والذى يتطلب استخدام وسائل ترويجية حديثة وفعالة. يمكن لوسائل التواصل الاجتماعى أن تلعب دورًا محوريًا فى هذا السياق، من خلال الحملات الدعائية والإعلانية الموجهة بدقة. كما يمكن تنظيم الفعاليات والمعارض السياحية على المستوى الدولى لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم. ويجب أن تكون هناك جهود مشتركة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق هذا الهدف، بما فى ذلك التعاون فى إنشاء المواد الإعلامية متعددة اللغات والتى تبرز تاريخ وأهمية هذه الآثار.

من المهم أيضًا ربط السياحة الأثرية بأنواع أخرى من السياحة مثل السياحة الشاطئية وسياحة السفارى. فتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية فى المواقع الأثرية يمكن أن يجتذب فئات جديدة من السياح ويعزز من التجربة السياحية بشكل عام. كما أن إنشاء المتاحف التفاعلية والمراكز الترفيهية يمكن أن يسهم فى جذب العائلات والأطفال، ويزيد من عدد الزوار ويعزز من الاقتصاد السياحى، ويشمل ذلك إقامة المهرجانات السنوية والتى تحتضن الفنون التقليدية والمعاصرة فى المواقع الأثرية لجذب أنظار العالم إلى هذا التراث الفريد.

علاوة على ذلك، يجب وضع خطط طويلة المدى لتطوير وصيانة الآثار. يتطلب ذلك توفير التمويل اللازم للترميم، وسن قوانين صارمة لحماية الآثار من السرقة والتخريب، ورفع مستوى الوعى بأهمية الآثار لدى المجتمع المحلى.

على صناع السياسات فى مصر إدراك أن الآثار المصرية ليست مجرد مصدر للدخل القومى، بل هى أيضًا جزء أساسى من الهوية الوطنية والتراث الثقافى. الحفاظ على هذه الآثار وتطوير السياحة الأثرية يجب أن يكون جزءًا من الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتنمية المستدامة، لتحقيق الازدهار الاقتصادى وتحسين جودة الحياة للمواطنين. تبنى المناهج المتكاملة، والتركيز على توفير بيئة سياحية آمنة وجاذبة، وتكثيف الجهود الترويجية كلها عوامل داعمة لضمان استدامة نمو القطاع السياحى.