الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يطرح رؤيته حول حوكمة وإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي في منتدى التعاون والتنمية الرقمية في المملكة الأردنية الهاشمية

...
التاريخ: 23 - 02 - 2025

عمان- الأردن

تحت شعار “رؤيتنا، عالمنا، مستقبلنا”، انطلقت فعاليات النسخة الثانية من منتدى التعاون الرقمي والتنمية، وسط حضور رفيع المستوى يضم وزراء وصانعي قرار من المنطقة العربية. يأتي المنتدى بتنظيم من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى، بالتعاون مع الحكومة الأردنية ممثلةً بوزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ليؤكد أهمية التحول الرقمي كركيزة أساسية لمستقبل التنمية المستدامة في المنطقة.

افتُتح المنتدى معالي سامي سميرات وزير الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال في الأردن، ومعالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وسعادة رولا دشتي الأمينة التنفيذية للإسكوا، وسعادة أمانديب سينغ جيل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لشؤون التكنولوجيا الرقمية والناشئة.

أشار معالي سامي سميرات إلى أنّ المنتدى يعكس الرؤية الطموحة التي تتبناها الإسكوا وجامعة الدول العربية لرفع مستوى التعاون الرقمي وتمكين المجتمعات من الاستفادة القصوى من التكنولوجيا والابتكار لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وأوضح أن الأردن يعمل بشكل وثيق مع الإسكوا على تطوير بيئة الابتكار، وتطوير السياسات الرقمية، وبناء القدرات الوطنية التي تمكن الأفراد والشركات من الاستفادة من الثورة الرقمية.

كما دعا معالي أحمد أبو الغيط الحكومات العربية إلى العمل على تهيئة البنية التحتية والبيئة التشريعية لضمان توافر الحماية للبيانات ولتبني السياسات الداعمة للاستثمار ورواد الأعمال، معتبرًا أنّ ضخّ المزيد من الأموال على تطوير الإنفاق التكنولوجي من شأنه أن يعزز استقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية في المنطقة العربية ويرفع قدرة المنطقة من كونها مستهلكة لهذه التكنولوجيات إلى منتجة ومطوّرة، وأنّه سيساعد أيضًا في رأب الفجوة الرقمية.

وقد أكدت سعادة رولا دشتي بأنّ الأجندة الرقمية العربية توفّر خارطة طريق منظَّمة لجعل التكنولوجيا سبيلًا إلى المنعة الاقتصادية والتقدّم الاجتماعي، غير أنّ العبرة ستكون في ترجمة السياسات إلى إنجازات ملموسة، وفي تحقيقِ فوائد مستدامة من الاستثمارات، وفي عدم إهمال أيِّ جزءٍ من المجتمع على مسار التحوّل الرقمي. واعتبرت أن دمجَ القمة العالمية لمجتمع المعلومات والمنتدى العربي لحوكمة الإنترنت يعزز مبدأً مهمًا وهو ضرورة أن تتّسمَ حوكمة التحوُّل الرقمي بالشمول والشفافية.

وتحدث سعادة أمانديب سينغ بأن جيل الذكاء الاصطناعي سيغير اقتصاداتنا، ويجب على كل دولة أن تستفيد من ذلك. وأشار إلى أهمية عقد حوار شامل حول حوكمة الذكاء الاصطناعي. وأضاف أن هناك الكثير من الإمكانات غير المستغلة في المنطقة العربية فيما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية، داعيا إلى إنشاء سوق رقمية مشتركة، والعمل بشكل وثيق بين القطاعين الخاص والعام، وجمع أصحاب الكفاءات.

تحول رقمي لتعزيز التنمية والتعاون الإقليمي في العالم العربي

في كلمته خلال المنتدى، أكد د. عبدالله الدرمكي نائب الأمين العام في الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي على أن التحول الرقمي يعد ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز القدرة التنافسية للدول العربية في الاقتصاد العالمي. وأوضح أن التكنولوجيا الرقمية ليست مجرد أدوات تقنية فقط بل محرك أساسي لخلق فرص اقتصادية جديدة وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال.

وأضاف الدرمكي: “الاقتصاد الرقمي لم يعد مجرد قطاع منفصل، بل هو ركيزة متكاملة تمتد إلى جميع القطاعات، من التعليم والصحة إلى التجارة والصناعة، وأن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتطوير المهارات الرقمية أصبح أمرًا حتميًا لضمان قدرة الدول العربية على مواكبة التطورات المتسارعة وتحقيق التنمية الشاملة.”

كما أشار الدرمكي إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين تُمثل فرصًا غير مسبوقة لتعزيز الكفاءة، لكنها تحتاج إلى بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة توازن بين الابتكار وحماية البيانات.

 

وشدد على أهمية بناء شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية لتسريع التحول الرقمي، مؤكدًا على ضرورة الاستثمار في القدرات البشرية لضمان الريادة في الاقتصاد الرقمي. وأضاف أن التحول الرقمي يساهم في تحقيق الشمول المالي وتعزيز النمو الاقتصادي، خاصةً في المناطق التي تعاني من محدودية الوصول إلى الخدمات التقليدية.

وفي ختام كلمته، دعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول العربية لتبادل الخبرات وتطوير سياسات موحدة تُسهم في بناء اقتصاد رقمي قوي ومترابط قادر على المنافسة عالميًا.

الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يطرح رؤية شاملة لحوكمة وإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي وفق المعايير الدولي

وقدم الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، بصفته كعضو في الفريق العربي للذكاء الاصطناعي، ورقة متخصصة حول الحوكمة وإدارة المخاطر في أنظمة الذكاء الاصطناعي وفق المعايير الدولية، وذلك في إطار جهوده لتعزيز الاستخدام المسؤول والآمن لهذه التقنيات المتقدمة.

وتناولت الورقة، التي قدمها د. أيمن غنيم، الأمين العام المساعد للاتحاد، أبرز التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، لا سيما ما يتعلق بالأخطاء المحتملة ومن يتحمل مسؤوليتها، إلى جانب مناقشة فوائد ومخاطر الذكاء التوليدي، وسبل تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والاعتبارات الأخلاقية.

كما استعرضت الورقة دور صناع القرار والمشرعين في ضبط الذكاء الاصطناعي، من خلال تبني معايير دولية مثل *ISO/IEC 42001* لنظم إدارة الذكاء الاصطناعي و*ISO/IEC 23894* لإدارة مخاطره، إلى جانب استعراض *إطار عمل تطوير الأنظمة الذكية باستخدام التعلم الآلي* وفق المعيار *ISO/IEC 23053*.

وفي ختام العرض، أوصى الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي بتأسيس *مركز عربي لاعتماد وضمان جودة أنظمة الذكاء الاصطناعي*، بحيث يتضمن لجنة فنية لصياغة المتطلبات الفنية، ولجنة حوكمة لضمان النزاهة والجودة، وأمانة عامة تنفيذية لمنح شهادات المطابقة.

تعكس هذه المبادرة التزام الاتحاد بدعم التحول الرقمي في العالم العربي، وتعزيز مكانة المنطقة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي وفق أفضل الممارسات العالمية.

أكد المشاركون خلال المنتدى على ضرورة تعزيز الأطر التشريعية والتشغيلية الداعمة للتحول الرقمي، مشيرين إلى أن توفير بيئة تنظيمية شفافة وآمنة يعد عاملاً رئيسيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الابتكار. وأوضحوا أن تطوير قوانين تحمي البيانات وحقوق المستخدمين يُساهم في بناء ثقة المستثمرين ويخلق مناخًا ملائمًا للتجارب الرقمية الناجحة.

كما نوه الخبراء إلى الدور الحيوي للقطاع الأكاديمي ومراكز البحث العلمي في تأهيل الكوادر البشرية، معتبرين أن دمج البرامج التدريبية الرقمية في المناهج التعليمية يُعد خطوة استراتيجية لضمان استدامة التقدم التكنولوجي. ودعوا إلى إقامة شراكات بين الجامعات والقطاع الخاص لتبادل الخبرات وتعزيز مهارات العمل في المجالات الرقمية.

وأشار المشاركون إلى أن التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص يمثل المحرك الأساسي لتسريع التحول الرقمي، حيث يمكن من خلاله إطلاق مشاريع بنية تحتية رقمية متطورة وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية. وأكدوا أن مثل هذه الشراكات ستعمل على تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز الشمول المالي في الوطن العربي.

يجمع المنتدى نخبة من الخبراء والعاملين في المجال الرقمي من مختلف أنحاء المنطقة العربية وخارجها ومسؤولين حكوميين، وصانعي سياسات، وبرلمانيين، وخبراء تقنيين، وأكاديميين، وممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص، بالإضافة إلى جهات دولية معنية بتعزيز التعاون الرقمي ودعم التنمية المستدامة في المنطقة.

فعاليات المنتدى

يمتدّ المنتدى على مدى أربعة أيّام، ويتضمن مجموعة متنوعة من الفعاليات المحورية. في اليوم الأول، يُعقد مؤتمر الشركاء الأول الرفيع المستوى حول الأجندة الرقمية العربية 2023-2033، والذي يهدف إلى تحديد الأولويات الرقمية للدول العربية خلال العقد المقبل. وسيشهد المنتدى أيضًا انعقاد المنتدى العربي الرابع الرفيع المستوى حول القمة العالمية لمجتمع المعلومات وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، بالإضافة إلى المؤتمر السابع للمنتدى العربي لحوكمة الإنترنت.

يتخلل المنتدى جلسات متخصصة، وحوارات رفيعة المستوى، ومسارات تفاعلية، وفعاليات جانبية، تهدف إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع التقني، والمجتمع المدني، والشباب، والمؤسسات العالمية.

يمثل المنتدى نقطة تحول في تعزيز التعاون الرقمي داخل المنطقة العربية وخارجها، إذ يتماشى مع الاتفاق الرقمي العالمي وقرارات مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات. كما يشكل منصة حيوية لدفع عجلة النقاش حول أولويات التنمية الرقمية، ووضع معايير للمستقبل الرقمي خلال العقد القادم، وبناء توافق إقليمي حول القضايا الرقمية وفقا للأطر العالمية والإقليمية.