منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجل أرقاماً سلبية اقتصادياً رغم اكتشافات البترول

...
التاريخ: 11 - 10 - 2023

القاهرة

المصدر: جريدة الأخبار المسائي

قال – د. علي محمد الخوري  رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي ومستشار مجلس الوحدة الاقتصادية  العربية بجامعة الدول العربية، انه رغم تمتع المنطقة العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا عامةً، ومنطقة الخليج العربي بصفة خاصة، بثروات كبيرة على مدار ستة عقود، بعد اكتشافات النفط والغاز منذ الخمسينات من القرن الماضي، ورغم التقارير الاقتصادية العالمية التي تشير إلى تحسن أداء النمو الاقتصادي العربي، خلال الثلاثين عاماً الماضية، إلا أن ذلك يعتبر بالمقارنة بمناطق عديدة حول العالم مؤشر سيئ للنمو الاقتصادي.

وأكد  الخورى في تصريحات لـ« الأخبار المسائي» لقد أظهر تقرير صادر عن المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية ومكتب المنظمة لأنشطة أصحاب العمل صادر عام 2021، والذي شمل الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي اختص بإنتاجية العمل والاتجاهات في منطقة الدول العربية من الخمسينيات من القرن الماضي حتى الآن، على مدار أكثر من ستة عقود بكافة دول المنطقة، والذي كشف أنه عند مقارنتها بالمناطق الأخرى حول العالم، تعتبر منطقة الدول العربية الآن هي الأسوأ أداءاً على الصعيد العالمي من حيث نمو الإنتاجية.

وأوضح التقرير أنه بين عامي 2010 و2019، انخفض نمو الإنتاجية في بلدان مجلس التعاون الخليجي بنسبة 0.8 في المائة، وفي البلدان خارج نطاق مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1.5 في المائة. وبالمقارنة، ارتفع نمو الإنتاجية في البلدان الناشئة والبلدان النامية في مناطق أخرى بنسبة 3.1 في المائة في المتوسط خلال الفترة نفسها، في حين شهد ارتفاعاً في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 1 في المائة، حيث سجل المتوسط العالمي زيادة بنسبة 2.1 في المائة.

أسباب انحدار النمو الاقتصادي بالشرق الأوسط

وأضاف لقد كشف التقرير أن الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذا الاتجاه المنحدر في منطقة الدول العربية هي الافتقار إلى التنويع الاقتصادي في ظل الاعتماد على قطاعات الإنتاجية المنخفضة، إضافة إلى عدم القدرة على استثمار الأرباح المالية في تعزيز نمو الإنتاجية، وعدم الاستثمار في مهارات القوى العاملة لتلبية الاحتياجات الجديدة لسوق العمل.

ويوضح التقرير أن معظم البلدان العربية شهدت تراجعاً سابقاً لأوانه في الصناعة، لذلك فإنها تفتقر في الوقت الراهن إلى وجود قطاع صناعي متين، مع تركيز الاستراتيجيات الاقتصادية في معظم بلدان المنطقة على القطاعات الخدمية ذات القيمة المضافة المنخفضة أو على القطاعات المالية وقطاع البناء، وهذا الأمر أعاق نمو الإنتاجية، لأن الخدمات هي أقل حاجة لرأس المال، وتعتبر أقل انفتاحاً على المنافسة الدولية، مما يضر بالنمو الاقتصادي والإنتاجي ويؤدي إلى زيادة العمالة غير الرسمية.

انخفاض نمو الصناعات التحويلية بالشرق الأوسط

وأوضح يعتبر  انخفاض معدلات قطاع الصناعات التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي الوطني في المنطقة، من أسباب ضعف النمو الاقتصادي الإجمالي خاصةً أن هذا المعدل كان منخفضاً جداً في لبنان حيث سجل 3.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني في عام 2020 مقابل 8.3٪ في عام 2008، وسجل في العراق 7% عام 2020 وبقي ثابتاً على مدى السنوات الـ 20 الماضية، أما في الكويت سجل 6 ٪ عام 2020 حيث حافظ على استقراره على مدى السنوات الـ 20 الماضية.

كما سجلت نسبة الصناعة التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي نسبة منخفضة بعض الشيء في قطر وعُمان حيث كانت نسبة هذا القطاع 7 ٪ عام 2020، بينما سجلت نمو متوسط في المملكة العربية السعودية، حيث سجلت في المملكة العربية السعودية 13 ٪ عام 2020.

التحديات والعقبات التي تواجهه التنمية المستدامة بالشرق الاوسط

وأشار تواجه التنمية المستدامة تحديات وعقبات كثيرة بالمنطقة العربية والشرق الأوسط من بينها عدم الاستقرار السياسي بعدد من دول المنطقة، وعدم إمكانية الحصول على الائتمان للاستثمار وتمويل رأس المال المتداول، والنظام الضريبي متراخي، وانعدام إمكانية الحصول على الكهرباء، وقلق وخوف أصحاب رؤوس الأموال من الاستثمار، وعدم كفاية حجم السوق، وعدم وجود نظام اقتصادي حقيقي يساعد على تدوير رأس المال وتنميته.

يجب على حكومات المنطقة الانتباه إلى أمور عديدة من أجل إحداث تنمية اقتصادية مستدامة، تساعد على تقوية أعمدة الاقتصاد بالمنطقة من أجل مواجهة التحديات والمنافسة العالمية، والتواجد وسط أنظمة اقتصادية قوية حول العالم منها تعزيز التكامل الإقليمي من خلال إزالة الحواجز التجارية، وإنشاء مناطق تجارية تنتمي لسوق موحدة قد يزيد بشكل كبير من الإمكانات التصديرية للمنطقة، مع التركيز على الاستراتيجيات الاقتصادية، التي تشمل  التنويع في البلدان المعتمدة على النفط وعلى التغيير الهيكلي الأوسع نطاقاً في البلدان غير المعتمدة على النفط، و فتح المجال إلى القطاع الخاص،  وتقليص  مهام وحجم الاعتماد على القطاع الحكومي، والتخطيط الاقتصادي الجيد من خلال الاعتماد على نظم اقتصادية مرنة تستطيع التطور وإحداث تنمية اقتصادية إنتاجية ، والابتعاد عن النظم الاقتصادية الريعية التي تتسبب في انهيار العديد من الاقتصاديات العالمية.