قطاع الزراعة ما بين الاهتمام والتحديات التي تواجهه بالشرق الأوسط

...
التاريخ: 12 - 10 - 2023

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

قطاع الزراعة من القطاعات الحيوية في أي دولة حول العالم، والاهتمام بها يزيل الكثير من الأزمات، ويضيف الكثير من المزايا الاقتصادية والاستراتيجية للدول، خاصةً مع ازدياد أزمات الغذاء حول العالم، ومع تناقص الرقعة الزراعية، وحدوث تغيرات مناخية خطيرة بالكرة الأرضية، تسببت في حدوث موجات جفاف شديدة بالعديد من مناطق العالم، مع حدوث موجات من الفيضانات والأعاصير الشديدة، تسببت في هلاك ملايين الهكتارات من الأراضي بمناطق عديدة حول العالم، وهو ما أدى إلى حدوث نقص بسلاسل إمدادات الغذاء بمناطق عديدة حول العالم.

ولا شك أن كل تلك الأمور نتج عنها اهتمام عالمي بقطاع الزراعة، ومنطقتنا العربية والشرق الأوسط ليست في معزل عن العالم، وقطاع الزراعة يشكل أهم القطاعات الإنتاجية والحيوية والاستراتيجية، فهي تعزز من اقتصاد معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، حيث تعتمد معظم البلدان في تلك المنطقة بشكل كبير على الزراعة، وخاصةً تلك الموجودة بالقرب من البحر الأبيض المتوسط.

تباين مساهمة القطاع الزراعي بالاقتصاد العربي من دولة إلي أخرى.

تختلف نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد الكلي ما بين البلاد العربية ، فمثلاً في السعودية نسبة مساهمة القطاع الزراعي حوالي 3.2% بينما في الإمارات تمثل نسبة مساهمة القطاع الزراعي حوالي 15.3 مليار درهم في العام 2022 ، ومن المتوقع أن تزيد بنسبة 28% في 2025 وأن تصل إلى 19 مليار درهم ، بينما في مصر فنسبة مساهمتها هي 15% عام 2022 ، وقد ساهم استخدام المعدات الزراعية الحديثة في الري في إنتاج كمية كبيرة من المحاصيل التجارية عالية القيمة منها الخضراوات والحبوب والسكر والفواكه، ويعد الشعير و القمح من المحاصيل الرئيسية التي تزرع في منطقة الشرق الأوسط.

كما  يتم إنتاج كميات كبيرة من العدس والذرة والأرز والحمص والفواكه والخضراوات في جميع أنحاء المنطقة، خاصةً في تونس والسعودية ومصر والأردن والمغرب، ويعتبر الإنتاج الزراعي المحور الرئيسي في اقتصاد بعض الدول مثل تونس، حيث يتم إنتاج الحبوب وزيت الزيتون بشكل رئيسي، نصف أراضي تونس مزروعة بالحبوب، والثلث الآخر من هذه الأراضي أيضاً قد تمت زراعته بمحاصيل أخرى، وتعتبر تونس من الدول الرئيسية المنتجة و المصدرة لزيت الزيتون في العالم، وتصدر أيضاً الحمضيات والتمور والتي يتم زراعتها في الأجزاء الشمالية من البلاد.

منطقة الشرق الأوسط تستورد 50% من الطعام

تستورد دول الشرق الأوسط ومنها دول الوطن العربي، 50% من الطعام الذي يتم استهلاكه، وهذه النسبة الكبيرة تجعل هذه الدول تحت رحمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتقلبات الأسواق العالمية، لذلك تعتبر الزراعة المحلية ذات أهمية استراتيجية في جميع بلدان الوطن العربي، كما أنّ البلدان غير المنتجة للغذاء مثل دول مجلس التعاون الخليجي تسعى إلى تأمين احتياجاتها من المواد الغذائية عن طريق توفير أراضي زراعية منتجة في دول أخرى، من أجل توفير ما تحتاجه من طعام لشعوبها، بعيدا عن التقلبات والأزمات الدولية.

قطاع الزراعة يوفر ملايين فرص العمل بالشرق الأوسط

تبلغ المساحة الإجمالية للدول العربية حوالي 1402 مليون هكتار أي حوالي 10.2% من إجمالي مساحة اليابسة في العالم وتقدر مساحة الأراضي القابلة للزراعة بحوالي 197 مليون هكتار(14.1% من المساحة الإجمالية)، ويوفر قطاع الزراعة ملايين فرص العمل المختلفة ، والتي  يتداخل معها العديد من الصناعات الغذائية المختلفة من بينها العلف، واللحوم والمربي والجبن بمختلف انواعها، وكافة منتجات الألبان، والسكر بمختلف أنواعه والعديد من الصناعات المختلفة، والتي توفر ملاين فرص العمل، حيث يبلغ عدد العاملين بقطاع الزراعة حوالي 27 مليون عامل، بنسبة تقارب من 30%  من نسبة العاملين بالشرق الأوسط والوطن العربي، ومع التطوير والدراسات المختلفة، تلك النسب قادرة على الارتفاع سواء من حيث المساهمة بالاقتصاد والدخل القومي المحلي أو فرص العمل التي يتم توفيرها.

التحديات والمشكلات التي تواجه قطاع الزراعة بالشرق الأوسط والعالم العربي

  • ندرة الأساليب الحديثة المستخدمة في الزراعة، ما ساهم في تخفيض الإنتاج الزراعي.
  • التفات الكثير من سكان الوطن العربي إلى الجانب المهني والصناعي في المدن بدل من التوجه نحو الزراعة الأمر الذي أدى إلى غياب الوعي عن آليات الزراعة.
  • تعاني الكثير من الدول العربية ويلات الحروب والصراعات الداخلية والحروب الأهلية ما أدى ذلك إلى القضاء على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
  • زيادة الكثافة السكانية في الوطن العربي في العقود والسنوات الأخيرة دفع دولها إلى الزحف العمراني الأفقي لتوفير المساكن والقضاء على مئات الآلاف من الدونمات الزراعية.
  • ندرة المياه في الوطن العربي وسيطرة الغرب على معظمها ساهم ذلك في تقليص مساحات الري والزراعة.
  • استخدام الأراضي الزراعية في البناء أكثر من الزراعة.
  • عدم استخدام الأيدي العاملة بشكل جيد وبشكل مهم جداً.
  • عدم استخدام الادوات والإمكانيات الحديثة التي تساعد في زيادة إنتاجية النباتات والتقليل من المشاكل في التغذية.
  • الاعتماد الكبير على الاستيراد أكبر من الاعتماد على الاكتفاء الذاتي في الدولة.
  • عدم وجود الخبرة الواسعة الموجودة لدى المزارعين.

جدير بالذكر أن العالم يشهد تغيرات ديمغرافية وجيولوجية  وسياسية واقتصادية كبيرة جداً، سوف تحدد ملامح العالم بالمستقبل، ومن بين تلك التغيرات النقص الشديد  لإمدادات سلاسل الغذاء حول العالم، وحظر العديد من الدول تصدير الأرز والقمح حول العالم، ولذلك يجب على العالم العربي استخدام كافة السبل المادية والعلمية والبشرية والتكنولوجية  الممكنة  من أجل الاستفادة من كافة الإمكانيات الموجودة بالمنطقة، من أجل توفير كافة الأراضي الزراعية،  مع استخدام المصادر التكنولوجية المتطورة والهندسة الوراثية والعلم في الزراعة الإنتاجية من أجل حدوث الاكتفاء الذاتي من مصادر الغذاء بالمنطقة.