القاهرة
المصدر: جريدة الوفد
الأخبار المسائي
قال دكتور علي محمد الخوري، رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي ومستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية لقد تسببت اندلاع الاشتباكات بين حركة حماس والفصائل الفلسطينية من جهة، وبين إسرائيل من جهة أخرى منذ يوم السابع من أكتوبر الماضي، في حدوث قلق شديد في منطقة الشرق الأوسط والعالم، من اتساع المعارك بالمنطقة ودخول دول أخرى الصراع، وتحويلها إلى حرب إقليمية، ومع توتر الاشتباكات على الأرض، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يُكبد الطرفين المزيد من الخسائر الاقتصادية بشكل كبير، والتي سوف تؤثر تأثير كبير ومباشر بالشرق الأوسط خلال العقود القادمة.
خسائر اقتصادية كبيرة بالمنطقة
وأضاف تنقسم الخسائر التي من المتوقع أن تنتج عن هذه العملية إلى خسائر اقتصادية مباشرة وخسائر غير مباشرة، كما سيتم توضيح ذلك على النحو التالي:
أولاً: الخسائر المباشرة: تعتبر الخسائر المباشرة هي الخسائر التي تأتي نتيجة الأضرار المادية المترتبة على العملية العسكرية، إذ دمرت عملية “طوفان الأقصى” العديد من المباني الإسرائيلية والمدن، كما دمر الاحتلال الإسرائيلي العديد من المباني داخل الأراضي الفلسطينية، ومن هنا يُمكن تقسيم هذه الخسائر إلى نوعين:
خسائر الجانب الإسرائيلي: تُعد من أكبر الخسائر المادية لإسرائيل قصف مدينة عسقلان، التي تعرضت بها عشرات المواقع للقصف، وتعد عسقلان من المناطق التي تنتشر بها المنشآت النفطية الإسرائيلية، الأمر الذي يُعد تهديداً لمشروع النفط الإسرائيلي، فضلاً عن قصف ثاني أكبر محطة كهرباء بإسرائيل، وإلحاق الضرر بقطاع الاتصالات الخلوية.
كما اندلع حريق كبير بمجمع للسيارات المستوردة بغلاف غزة من جراء القصف الصاروخي من جانب المقاومة، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة في البُني التحتية داخل إسرائيل، إذ رجح بعض الخبراء الاقتصاديين أن إعادة إعمار البنى التحتية في إسرائيل سيكلفها على الأقل مليار دولار، بالإضافة إلى تكاليف أخرى، من المتوقع أن تتحمل إسرائيل على الأقل 1.26 مليار دولار جراء هذه العملية.
خسائر الجانب الفلسطيني: جاء رد فعل جيش الاحتلال الإسرائيلي بإحداث أضرار مادية كبيرة داخل الأراضي الفلسطينية، إذ تم قصف برج فلسطين في غزة، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بمستشفى الدرة للأطفال، ومركز لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تدمير أكثر من ١٥٠٠ منزل داخل القطاع حتى كتابة ذلك المقال.
ثانيًا: الخسائر غير المباشرة:
انخفاض معدل السياحة: ترتب على حالة عدم الاستقرار الأمني، التي سببتها عملية “طوفان الأقصى” وعملية جيش الاحتلال “السيوف الحديدية”، إلغاء العديد من شركات الطيران الأجنبية رحلاتها الجوية من وإلى الأراضي المحتلة، وهو ما سوف يترتب عليه انخفاض أو توقف عدد السياح الوافدين إلى إسرائيل، ما سيجعلها تتحمل خسائر كبيرة من انخفاض تدفق الأموال الأجنبية إليها، السياحة الوافدة توفر لإسرائيل 13.5 مليار شيكل، وانخفاض إيرادات السياحة سوف يحمل الاقتصاد الإسرائيلي العديد من الأضرار المادية على مستوى العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية.
تأثر الموازنة الإسرائيلية والفلسطينية نتيجة الصراعات بالمنطقة
ارتفاع عجز الموازنة: فعلى الجانب الفلسطيني تُعاني الموازنة العامة من عجز يُقدر بـ 536 مليون دولار، ارتفع بنسبة 29% خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بشكل كبير بعد عملية “طوفان الأقصى”، نتيجة التوقع امتداد الصراع والمعارك فترة طويلة، سوف تتطلب الاستدانة وارتفاع معدلات العجز.
على الجانب الإسرائيلي، ارتفع عجز الموازنة في يونيو الماضي إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المحتمل أن ترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ بعد العملية التي ربما تمتد لفترات طويلة؛ نتيجة الإنفاق المتزايد الذي سوف يتحمله الطرفان لإعادة إعمار ما تم هدمه.
انخفاض الاستثمارات الأجنبية: حيث بلغت حجم هذه الاستثمارات 129.8 مليار دولار في يوليو 2023، وهو ما يُرجح أن إسرائيل ستفقد جزء كبير من هذه الاستثمارات من جراء العملية الحالية.
زيادة حجم الديون: تبلغ نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني في العام الحالي نحو 58.5% حسب توقعات صندوق النقد الدولي، ومع هذه الخسائر المادية التي تم ذكرها فإن نسبة الديون ستزداد بشكل ملحوظ لدى الجانب الفلسطيني.
على الجانب الإسرائيلي فإن حجم الديون الخارجية بلغت 156.3 مليار دولار في يوليو 2023، كما بلغ حجم الدين العام 60% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022، ومن المتوقع بشدة أن تزداد هذه الأرقام في نهاية العملية الحالية.
الصين وروسيا تحاولان التهدئة والحفاظ على الشرق الأوسط من توسع الصراع
يبدو أن الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني جذب الصين وروسيا للتدخل من أجل الحفاظ على منطقة الشرق الأوسط من الانجرار نحو توسع الصراع العسكري إلى صراع إقليمي، يتسبب في تحول المنطقة إلى كرة لهب، تعيد المنطقة إلى العصور الوسطى، مع تدمير كل الخطط الاقتصادية وعناصر التنمية والتكنولوجيا بالمنطقة، وتوسع دائرة الفقر والجوع بكامل المنطقة لعشرات السنين، مع تدمير المصالح الصينية والروسية بالمنطقة، والتي أصبحت مصالح استراتيجية سواء عسكرية وصناعية ومصادر طاقة وبنى تحتية ومشروعات إنتاجية وسياحية وذكاء صناعي، مشروعات تكنولوجية واقتصادية عديدة، مع محاولة التناحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وعدم ترك أي نفوذ لها حول العالم، لذلك كان المشروع الروسي الذي قدم لمجلس الأمن، والذي تم رفضه من قبل القوى الغربية وحلفاء أمريكا، ورغم ذلك هناك دعوة من الكرملين وبكين إلى حل فوري للصراع بين الجانبين .
الصراع في الشرق الأوسط يتحول إلى التدمير الكلي.
من الواضح أن المنطقة تجر إلى التدمير الاقتصادي والتدهور المعيشي، مع وضعها في فوهة اللهب لسنوات قادمة، تلك السيناريوهات المختلفة الموضوعة سواء لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة الغربية إلى دول أخرى، لن تحل مشكلات المنطقة الاجتماعية والسياسية والديمغرافية والاقتصادية ، بل سوف تتسبب في تعميق الجروح والمشكلات الممتدة منذ 75 عاماً، وسوف تعيد المنطقة مع تعمق الأحداث والمعارك بها إلى مئات السنين، وهناك قطاعات اقتصادية سوف تنهار تماماً من بينها قطاع السياحة والتجارة والصناعة والزراعة، فجميع تلك القطاعات التي يعمل بها أكثر من ٥٠ مليون شخص في الشرق الأوسط، تحتاج إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي، الذي أصبح مهدد خلال الفترة القادمة، لذلك يجب أن يدرك الجميع في تلك اللحظة أن العالم ليس مملوك لأحد، وأن الجميع شركاء في الحفاظ على الحياة والحضارة الإنسانية والتي بنيت على مدار مئات السنين ، ويجب أن يتدخل العقلاء وأصحاب القرار العالمي، من أجل حلحلة تلك الصراعات بالمنطقة الملتهبة بالبارود الذي يستعد للانفجار وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية من أجل غلق تلك الصراعات .
عن الاتحاد | |
---|---|
المبادرات | |
المعرفة | |
الخدمات | |
المركز الإعلامي | |
اتصل بنا |