القاهرة
المصدر: جريدة الأخبار المسائي
أكد الدكتور علي محمد الخوري رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي ، ومستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية، يواجة النظام الغذائي العالمي حالياً تحديات كبيرة تهدد أمان الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
تأتي هذه التحديات نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على المنطقة التي تعتمد بشدة على واردات الغذاء. تعد هذه المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم تأثراً بالأحداث الجيوسياسية وتغيرات المناخ المتزايدة، إلى جانب هذا، يعاني النظام الغذائي من اضطرابات السوق العالمية وتعطل سلاسل التوريد.
قال «الخوري»: يعد عدم الاستقرار السياسي والصراع من العوامل الرئيسية المساهمة في انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية، حيث أدى ذلك إلى تعطيل النظم الغذائية، وتدمير البنية التحتية، ونقص الغذاء وسوء التغذية، كما أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية أحد الأسباب الجذرية لانعدامه حيث تعاني المنطقة من الجفاف والفيضانات والظواهر الجوية المتطرفة، ويمكن أن تتسبب هذه الأحداث في فشل المحاصيل، وفقدان الماشية.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن حكومات المنطقة تبذل محاولات جادة لمواجهة الاضطرابات العامة وارتفاع أسعار المواد الغذائية من خلال الإعانات وزيادة الأجور وغيرها من المزايا، فقد كانت لهذه الجهود نتائج مختلفة ولم تعالج السبب الجذري للمشكلة، كما أن أحد التحديات الرئيسية هو أن العديد من حكومات الدول العربية، لم تعمل على تطوير البنية التحتية والإصلاحات الاقتصادية على المدى الطويل، مما أدى إلى اختلال توازن الاقتصاد الكلي.
ومن نقاط الضعف أيضاً، الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية، علاوة عن ندرة الموارد الطبيعية وانخفاض الإنتاجية، فضلاً عن غياب التدابير للسيطرة على تأثير عدد من المخاطر التي تواجه المنطقة، وتؤثر سلبياً على توافر الغذاء والفجوات في النظم الغذائية، والتي منها الصراع بين إسرائيل وفلسطين في غزة، والحرب الأوكرانية والاضطرابات الأخيرة في سوق الغذاء العالمية، حيث تنذر تلك المؤشرات بوجود قلق كبير بشأن انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل ارتفاع أسعار السلع الغذائية تحدياً آخر في تقييم الأمن الغذائي في المنطقة العربية، مع وجود دول مثل المغرب والجزائر ولبنان، التي تواجه تحديات في مجال إنتاج الغذاء والأمن الغذائي، ومن نتائج تقاعس العالم العربي في مواجهة نقص الغذاء، خاصةً وأن لدينا بلدان تفتقر إلى المال لتلبية الاحتياجات الغذائية المعتادة، لأن الأسعار ترتفع، وعدم التمكن من الصمود في وجه هذه الصدمات، والتي يجب معها اتخاذ تدابير سريعة من خلال وضع استراتيجيات تشمل الجودة في جميع مراحل الإنتاج الغذائي، من خلال بناء أنظمة زراعية وغذائية، قادرة على الصمود، وهذا يتطلب ايضاً الاستثمار والعمل على العديد من الجبهات والقطاعات، ومنها الزراعة الذكية مناخياً، وإزالة التشوهات من أسواق المواد الغذائية، وإصلاح أنظمة الدعم، والاعتماد على الأسواق المالية لضمان معالجة مخاطر المناخ والكوارث، وإدارة المياه، وتطوير المعالجة الزراعية وزيادة معدلات نمو الوظائف الخضراء.
وأوضح «الخوري» أن تحسين الممارسات الزراعية وإدارة الموارد يعد أمراً ضرورياً أيضاً لبناء مستقبل مستدام وآمن غذائي في العالم العربي، علاوة على ذلك، فإن زيادة عائدات النقد الأجنبي من التصدير الزراعي والغذائي، يمكن أن تساعد في تقليل الاعتماد على واردات الغذاء، خاصةً أن زيادة الإنتاجية يمكن أن تؤدي إلى زيادة القوة الشرائية، كما أن هناك حاجة إلى التعاون والتنسيق العربي لمعالجة العديد من التهديدات التي تواجه قدرة النظم الغذائية الوطنية والمحلية على الصمود، كما تعد النظم الغذائية المرنة ضرورية للتقدم نحو تحقيق غذاء آمن.
يمثل انعدام الأمن الغذائي تحدياً مستمراً في المنطقة العربية، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص ويشكل تهديداً كبيراً لصحتهم ورفاهيتهم واستقرارهم الاقتصادي، من هنا يجب تضافر الجهود، لوضع رؤية مستقبلية لتحقيق الأمن الغذائي، من خلال مشاريع لاستخدام التكنولوجيا الحديثة والاكتشافات وتطبيقات ذكية لتحديث القطاعات الزراعية فيها، واستخدام الخيارات التكنولوجية الحديثة المتاحة لهذا النهج الأساسي، وتحقيق شراكة رئيسية من القطاع الخاص العربي، وذلك في سياق التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدول العربية 2030، من أجل جعل الزراعة، والتغذية، والنظم الغذائية أكثر استدامة، ومن الضروري أيضاً تركيز الجهود على دعم الإنتاجية على مستوى النظام وتقليل الهدر في سلسلة التوريد، وتوسيع الأراضي الصالحة للزراعة أو الري بمعظمها، لتعزيز جهود الأمن الغذائي.
بشكل عام، من الضروري توجيه الجهود نحو بناء نظم غذائية مستدامة ومقاومة للصدمات من أجل تحقيق الأمان الغذائي في العالم العربي. هذا يتطلب استثمارات وجهودًا جادة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية لتحسين الممارسات الزراعية وتعزيز الإنتاجية. يجب أيضاً تعزيز القوة الشرائية للمواطنين وتوسيع الأراضي الصالحة للزراعة. يمكن أن تكون التكنولوجيا حلاً مهماً في هذا الصدد. يجب تعزيز البحث والابتكار في مجال الزراعة واعتماد تقنيات حديثة وذكية لزيادة الإنتاجية وتقليل الهدر.
وأضاف أن تحقيق الأمان الغذائي في العالم العربي هو تحدي مهم يتطلب جهوداً مستدامة وتفكير استراتيجي. توجيه الاهتمام إلى هذه القضية والاستثمار في تطوير القطاع الزراعي والغذائي سيسهم في تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
عن الاتحاد | |
---|---|
المبادرات | |
المعرفة | |
الخدمات | |
المركز الإعلامي | |
اتصل بنا |