الكويت
شارك الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في أعمال المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية في دورته السابعة والخمسين الذي عُقد في الجامعة الدولية بدولة الكويت، خلال الفترة من تاريخ 23-24 /04/2025، بمشاركة نخبة من الجهات الأكاديمية والحكومية ومؤسسات التعليم العالي العربية.
وقد استعرض الاتحاد خلال المؤتمر أبرز مبادراته الاستراتيجية في مجال التحول الرقمي في التعليم الجامعي، وعلى رأسها المنصة العربية للتعليم الرقمي كإحدى المبادرات الرائدة المنبثقة عن الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي، والتي تم اعتمادها من القمة العربية في الجزائر عام 2022 والتي تهدف إلى تمكين الجامعات العربية من تطوير محتوى تعليمي تفاعلي ومدعوم بالتقنيات الذكية، بما يواكب مستهدفات الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي المعتمدة من القمة العربية في الجزائر 2022.
كما قدّم د أيمن مختار غنيم الأمين العام المساعد في الاتحاد عرضًا حول برنامج “قادة أعمال المستقبل“، والذي شهد مشاركة أكثر من 2200 متدرب الدول العربية، مما يعكس الإقبال المتزايد على البرامج التخصصية الرقمية التي تعزز جاهزية الكفاءات العربية للمرحلة القادمة من الاقتصاد الرقمي.
وأكد بأن المنصة العربية للتعليم الرقمي تمثل نموذجًا عربيًا متكاملًا لتوظيف التكنولوجيا في خدمة التعليم الجامعي، وتوفير بيئة تعليمية ذكية تتيح للجامعات إنشاء محتوى تعليمي تفاعلي، وتنفيذ الاختبارات والواجبات إلكترونيًا، وتقديم الشهادات الرقمية، بما يعزز من كفاءة منظومة التعليم العالي العربي ويرتقي بها نحو المستقبل.”
وأشار غنيم إلى أن هذه المنصة لا تقتصر على الجانب التقني، بل ترتكز على معايير حوكمة الجودة، وربط المحتوى بالأهداف التعليمية، مع تقديم تقارير تحليلية دقيقة حول أداء الطلاب، وتوفير أدوات متقدمة للهيئات التدريسية لإدارة العملية التعليمية بسلاسة وفعالية.”
وأكد وفد الاتحاد في كلمته على أهمية الشراكة مع مؤسسات التعليم العالي في المنطقة، داعيًا الجامعات العربية إلى الانضمام إلى المنصة والاستفادة من الدعم الفني والتدريبي الذي يوفره الاتحاد لتحقيق التكامل الرقمي في العملية التعليمية.
واختتم الاتحاد مشاركته بالدعوة إلى توسيع قاعدة الشراكة داعيًا الجامعات العربية إلى الانضمام إلى المنصة والاستفادة من الدعم الفني والتدريبي الذي يوفره الاتحاد لتحقيق التكامل الرقمي في العملية التعليمية، والتحول الرقمي الكامل للبرامج التعليمية والتدريبية.
القاهرة
المصدر: جريدة الوفد
أ.د. علي محمد الخوري
الفكر الاقتصادي العربي في القرن العشرين والواحد والعشرين كان جزءًا من شبكة معقدة من التغيرات الجيوسياسية والتحولات الهيكلية في النظام الاقتصادي العالمي. فمنذ تفكك الإمبراطوريات الاستعمارية وحتى اللحظة الراهنة التي تشهد تحولات في موازين القوى الاقتصادية، خضع الاقتصاد العربي لإعادة تشكّل مستمرة، متأثرًا بمزيج من العوامل الداخلية والخارجية، التي رسمت مساراته المتباينة بين النمو والانكماش، وبين الهيمنة والتبعية، وبين الاندماج في الاقتصاد العالمي ومحاولات بناء نموذج تنموي مستقل.
في النصف الأول من القرن العشرين، اعتمدت الاقتصادات العربية بشكل كبير على القطاعات الأولية، حيث شكّلت الزراعة والموارد الطبيعية الركيزة الأساسية للإنتاج، مع هامش محدود للصناعة والخدمات. ومع اكتشاف النفط في دول الخليج، دخلت المنطقة مرحلة جديدة اتسمت بطفرة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، إلا أن هذه الطفرة رافقتها حالة من الاعتماد الريعي، التي أعادت صياغة بنية الدولة والاقتصاد على نحو زاد من هشاشته أمام تقلبات الأسواق العالمية. ومن هنا، ظهرت معضلة “الاقتصاد الأحادي”، حيث قاد التدفق الهائل للعوائد النفطية إلى تقوية مؤسسات الدولة الريعية، مما حال دون تنويع الاقتصاد، وأدى إلى نمط من النمو غير المتوازن يعتمد على الإنفاق الحكومي أكثر من الابتكار والإنتاجية.
في العقود الأخيرة، فرضت العولمة واقعًا جديدًا، حيث تسارع انفتاح الأسواق العربية على التجارة الدولية وتدفّقات رأس المال الأجنبي، مدفوعًا ببرامج الإصلاح الاقتصادي وسياسات التحرير التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. غير أن هذا الانفتاح لم يكن دائمًا في صالح الاقتصادات العربية، إذ أدى إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد، مما جعل العديد من الدول العربية أكثر عرضة للتضخم المستورد والأزمات المالية الخارجية، بينما لم تحقق الاستثمارات الأجنبية المباشرة التأثير المنشود على التنمية المستدامة، حيث اتجهت في كثير من الأحيان إلى القطاعات الريعية والاستهلاكية بدلًا من الاستثمار في البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية.
في موازاة ذلك، تصاعدت التوترات الجيوسياسية، واندلعت الصراعات الداخلية والإقليمية التي عطّلت النمو الاقتصادي وأعادت رسم خريطة الأولويات الاقتصادية في كثير من الدول العربية. فالاقتصادات التي كانت تأمل في تحقيق استدامة تنموية وجدت نفسها أمام تحديات أمنية وسياسية طارئة، مما أدى إلى استنزاف الموارد وشلّ قدراتها الإنتاجية. وفي الوقت ذاته، ازدادت معدلات البطالة بين الشباب، في ظل نظام تعليمي لم يواكب متطلبات الاقتصاد الجديد، مما أدى إلى تصاعد الإحباط الاجتماعي وخلق بيئة مواتية للاضطرابات وعدم الاستقرار.
وسط هذه التحديات، برزت محاولات جادة لإعادة صياغة النموذج الاقتصادي العربي، استنادًا إلى مفاهيم الاقتصاد المعرفي واقتصاد الابتكار. فالتوجه نحو تنمية رأس المال البشري، والاستثمار في التكنولوجيا، وتعزيز ريادة الأعمال، أصبح جزءًا من استراتيجيات التنمية في عدد من الدول العربية، التي أدركت أن الاقتصاد القائم على الموارد وحدها لن يضمن الاستدامة على المدى الطويل. كما ظهرت توجهات لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، عبر مبادرات تهدف إلى توحيد الأسواق العربية من خلال مناطق تجارة حرة واتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد، وهي محاولات تعكس الوعي المتزايد بضرورة توحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.
لكن، وعلى الرغم من هذه التوجهات الطموحة، يظل السؤال الجوهري قائمًا: هل يمكن للاقتصاد العربي أن يتحول من اقتصاد ريعي يعتمد على الموارد إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الابتكار؟ للإجابة عن هذا السؤال، لا بد من إعادة التفكير في دور الدولة، ليس فقط كمحرك للنمو عبر السياسات العامة، ولكن أيضًا كضامن لإطار اقتصادي يوفر بيئة ملائمة للمنافسة والاستثمار والتطوير التكنولوجي. كما يجب تبنّي نهج اقتصادي يتجاوز نماذج الاقتصاد التقليدي، عبر الاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في الانتقال من الاقتصادات الريعية إلى اقتصادات ديناميكية، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة، حيث لم يكن الانتقال مجرد نتيجة لتراكم رأس المال، بل كان نتيجة لسياسات تعليمية متطورة، واستثمار في التكنولوجيا، ورؤية اقتصادية شمولية تمتد لعقود.
إن التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي اليوم، مع صعود القوى الاقتصادية الجديدة، وإعادة تشكيل العولمة في ضوء التغيرات التكنولوجية والبيئية، تفرض على الدول العربية إعادة التفكير في موقعها داخل هذا النظام المتغير. فالعالم يتجه نحو اقتصاد أكثر ذكاءً وأقل اعتمادًا على الموارد الطبيعية، وهو اتجاه يتطلب إعادة صياغة الأولويات، بحيث يكون التركيز على الابتكار، والتصنيع المتقدم، والاقتصاد الرقمي، بدلاً من الاعتماد على أنماط اقتصادية تقليدية لم تثبت جدواها في مواجهة التحديات المستجدة.
إن مستقبل الاقتصاد العربي لا يتوقف فقط على مدى قدرته على الاستفادة من الفرص المتاحة، بل يعتمد على مدى استعداده لمواجهة التحديات الهيكلية التي تعيق تطوره. فإما أن يتمكن من بناء نموذج اقتصادي جديد يدمج بين الديناميكية والإنتاجية والاستدامة، أو أن يظل عالقًا في حلقة مفرغة من الأزمات المتكررة.
القاهرة
المصدر: جريدة الوفد
أ.د. علي محمد الخوري
لطالما مثلت العروبة مفهوما محورياً في تكوين الهوية العربية، حيث شكلت رافعة للتحرر وبوصلة للتطلعات القومية. غير أن العروبة اليوم لم تعد مجرد انتماء ثقافي أو شعور وجداني، بل تحولت إلى ضرورة استراتيجية تفرضها التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. فالنظام الدولي المعاصر يشهد صعود تكتلات إقليمية كبرى تعيد صياغة موازين القوى، وتفرض معادلات جديدة للنفوذ والتأثير، بينما يبقى العالم العربي أسير حالة من الجمود، عاجزًا عن استثمار مقوماته الهائلة في بناء مشروع وحدوي قادر على المنافسة في هذا النظام العالمي المتغير.
إن تحليل المشهد العربي لا يمكن أن يقتصر على رصد التحديات، بل يجب أن ينطلق من مقاربة بنيوية تربط بين العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية، لفهم العوائق التي تحول دون تحقيق نهضة عربية متكاملة. فالتاريخ لا يحابي الأمم التي تكتفي بتأمل أزماتها، بل يصنعه أولئك الذين يمتلكون القدرة على تحويل نقاط الضعف إلى مصادر قوة. والسؤال الجوهري الذي ينبغي طرحه اليوم: لماذا لم تتمكن الدول العربية، رغم كل مقومات التكامل، من بلورة مشروع نهضوي قادر على إحداث قفزة نوعية في مسارها التاريخي؟
الاقتصاد العربي: سوق ضخمة في ظل غياب استراتيجية تكاملية
في عصر العولمة، لم يعد بوسع أي دولة أن تحقق نموًا مستدامًا دون أن تكون جزءًا من منظومة إقليمية أو دولية أوسع. فالاقتصاد الحديث يقوم على التكتلات الكبرى التي تمتلك القدرة على خلق سلاسل إمداد متكاملة، وتحقيق الاستفادة القصوى من وفورات الحجم والموارد المشتركة. والعالم العربي، الذي يضم سوقًا استهلاكية هائلة، وثروات طبيعية ضخمة، وطاقات بشرية متميزة، يفتقد إلى الرؤية الاقتصادية الموحّدة التي تحوّل هذه العوامل إلى أصول استراتيجية قادرة على تحقيق استقلالية القرار الاقتصادي.
إن مقارنة الأداء الاقتصادي العربي بالتكتلات الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو رابطة آسيان تكشف عن فجوة هائلة في التنسيق والتكامل. فبينما عززت تلك التكتلات سلاسل القيمة الإقليمية، لا تزال الدول العربية تعمل بمعزل عن بعضها البعض، حيث تتجه أغلب استثماراتها نحو الخارج بدلًا من توظيفها في مشاريع إقليمية تعزز الاعتماد المتبادل. والنتيجة أن الاقتصادات العربية تبقى رهينة التقلبات الخارجية، في غياب منظومة اقتصادية قادرة على امتصاص الصدمات وبناء نموذج تنموي متماسك.
القوة السياسية في عصر التكتلات
في السياسة، لم يعد النفوذ مرتبطًا فقط بالقوة العسكرية أو الموارد الاقتصادية، بل بات يعتمد على القدرة على بناء تحالفات استراتيجية وتنسيق السياسات الخارجية ضمن أطر إقليمية فاعلة. والتجربة الأوروبية تقدم نموذجًا واضحًا لكيفية تحول الكيانات المتفرقة إلى قوة سياسية كبرى من خلال التكامل المؤسسي، وهو ما تفتقر إليه المنطقة العربية رغم امتلاكها لمقومات استراتيجية فريدة.
إن تفكيك أسباب ضعف الدور العربي في الساحة الدولية يقودنا إلى إدراك أن المشكلة لا تكمن فقط في العوامل الخارجية، بل في غياب الإرادة السياسية اللازمة لصياغة مشروع عربي موحد. فالعالم العربي يملك من النفوذ الجيوسياسي ما يؤهله ليكون قوة تفاوضية كبرى، إلا أن الانقسامات الداخلية والاستقطابات الإقليمية تضعف موقفه وتجعله عرضة للتأثيرات الخارجية.
وبينما تنجح قوى أخرى في فرض أجنداتها من خلال أدوات الضغط الاقتصادي والدبلوماسي، لا يزال العالم العربي يفتقر إلى سياسة خارجية موحدة تتيح له التعامل مع التحديات المشتركة من موقع قوة، لا من موقع المتلقي للضغوط. إن بناء موقف عربي مشترك لا يعني إلغاء الخصوصيات الوطنية، بل يتطلب تنسيقًا أعمق في السياسات الخارجية، بما يضمن تحقيق المصالح الاستراتيجية للدول العربية ضمن رؤية متكاملة.
التحديات البنيوية أمام مشروع النهضة العربية
لا يمكن الحديث عن تكامل عربي دون التطرق إلى التحديات التي تعيق تحقيقه. فالتنوع الثقافي والاجتماعي بين الدول العربية، والذي يُنظر إليه أحيانًا كعائق، يمكن في الواقع أن يكون مصدر قوة إذا ما تمت إدارته ضمن نموذج وحدوي مرن يستوعب الخصوصيات الوطنية. غير أن التحدي الأهم يتمثل في الصراعات السياسية الداخلية التي تستنزف الموارد وتعرقل أي محاولة لبناء مؤسسات إقليمية قوية.
كما أن التدخلات الخارجية تظل عاملًا رئيسيًا في تعقيد المشهد العربي، حيث يتم توظيف الانقسامات الداخلية لفرض أجندات تخدم مصالح القوى الكبرى، وهو ما يجعل استقلالية القرار العربي مرهونة بقدرة الدول العربية على تحقيق درجة أعلى من التنسيق والتوافق. فالتاريخ يثبت أن الأمم التي لم تتمكن من تحقيق تكامل داخلي، تصبح ساحة لصراع المصالح الدولية، وهو ما ينطبق على العالم العربي اليوم.
هل يمكن للعرب إعادة كتابة معادلات القوة؟
إن الحديث عن العروبة لا ينبغي أن يكون مجرد استدعاء للخطاب القومي التقليدي، بل يجب أن يرتكز على رؤية استراتيجية تستند إلى معايير واقعية وقابلة للتنفيذ. فالهوية القومية وحدها لا تكفي لتحقيق التكامل إذا لم تُترجم إلى سياسات اقتصادية وتجارية وأمنية فاعلة. والمطلوب اليوم ليس مجرد شعارات وحدوية، بل مشاريع ملموسة تعيد تشكيل الخارطة الاقتصادية والسياسية للعالم العربي.
الواقع أن الفرصة لا تزال قائمة، فالمتغيرات الدولية تفتح نافذة أمام العرب لإعادة التموقع الاستراتيجي، خاصة في ظل التحولات الجارية في النظام العالمي، والتي تجعل من التعاون الإقليمي شرطًا أساسيًا للاستقرار والنمو. إن بناء نموذج عربي للتكامل لا يجب أن يكون نسخة مكررة من تجارب أخرى، بل ينبغي أن يستند إلى خصوصيات المنطقة، ويعتمد على حلول إبداعية تتجاوز العوائق التقليدية.
التاريخ أثبت أن الأمم التي أدركت لحظاتها الحاسمة وامتلكت الجرأة لإعادة ابتكار نفسها، نجحت في تغيير مسارها. فهل يكون العالم العربي قادرًا على اغتنام الفرصة قبل أن تفرض عليه التغيرات الدولية واقعًا لا يخدم مصالحه؟ هذا هو السؤال الذي سيحدد مكانة العرب في النظام العالمي القادم، وهو سؤال لا يمكن تأجيله أكثر من ذلك.
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة
في خطوة للتعريف بإنجازاته ومسيرته الرائدة، أطلق الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي تقريرًا شاملاً يسلط الضوء على أنشطته الرئيسية منذ تأسيسه في عام 2018، بالإضافة إلى فعالياته التي سبقت الإعلان الرسمي عن تأسيسه في 2017. ويستعرض التقرير مساهمات الاتحاد في دعم الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية والمرتبطة بتنظيم المؤتمرات العالمية، وإبرام مذكرات التعاون، وإطلاق المبادرات التكنولوجية التي تواكب التحولات الرقمية في العالم.
شراكات استراتيجية وتعاون دولي
يركز التقرير على الشراكات الاستراتيجية التي أبرمها الاتحاد مع المنظمات الدولية مثل الاتحاد الدولي للاتصالات والأمم المتحدة، بالإضافة إلى الدراسات المتخصصة التي أعدها الاتحاد في مجالات التحول الرقمي والقضايا الاجتماعية والاقتصادية. كما يعرض التقرير الدور الحيوي للاتحاد في دعم التعاون العربي مع الدول الرائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبلوكشين، والذي يُظهر التزام الاتحاد بدفع عجلة الابتكار والتكنولوجيا في المنطقة.
مؤتمرات ومعارض عالمية
من أبرز الأنشطة التي وردت في التقرير، تنظيم مؤتمرات ومعارض دولية مثل سيملس الشرق الأوسط، الذي جمع كبار المتخصصين في الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، فضلاً عن منتديات الاستثمار الرقمي التي شهدت حضور شخصيات بارزة من القطاع الخاص والحكومات. كما تم توثيق نجاحات الاتحاد في إطلاق المنصات الرقمية مثل محاصيل، التي تهدف إلى تطوير قطاع التجارة الإلكترونية في العالم العربي.
تقرير شامل يبرز إنجازات الاتحاد
يأتي التقرير كمرجع مهم يُسلط الضوء على مراحل تطور الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، بما في ذلك الأنشطة التي تمت خلال مرحلة ما قبل التأسيس، ويبين التزام الاتحاد بتطوير بيئة رقمية متقدمة. يظهر التقرير أيضاً التزام الاتحاد بتسريع التحول الرقمي في المنطقة العربية وضمان استفادة الدول الأعضاء من التقنيات الرقمية الحديثة.
وفي بيان صدر عن الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أكد فيه أنه سيواصل التوسع في مبادراته وتعميق التعاون مع جميع الأطراف المعنية لضمان مستقبل رقمي مستدام في المنطقة، وأنه سيظل محركًا رئيسيًا لدعم الاقتصاد الرقمي في العالم العربي.
انجازات الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي. pdf
أبوظبي
قدم الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي “درع التقدير” للسيد وانغ بو، نائب رئيس بلدية مدينة تشينغداو الصينية، لجهوده في دعم التعاون بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية في مجالات الاقتصاد الرقمي ونقل التكنولوجيا.
وبحضور معالي السفير حسين الحمادي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية الصين الشعبية، قام سعادة د. علي محمد الخوري، رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، بتسليم الدرع خلال اللقاء الذي جمعهم ضمن فعاليات منتدى الاستثمار الصيني، في قمة AIM للاستثمار، المنعقدة في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 7 إلى 9 أبريل 2025.
وجاء هذا التكريم في إطار بحث الجانبان سبل التعاون بين مدينة تشينغداو الصينية والاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، خاصة في مجالات نقل التكنولوجيا، ودعم مشروعات التحول الرقمي، وتنظيم المؤتمرات والمعارض المتخصصة في المنطقة العربية.
وأشاد سعادة د. علي محمد الخوري خلال اللقاء بعمق علاقات التعاون بين الصين والدول العربية، مؤكداً أهمية تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الرائدة التي تتمتع بها المدن الصينية في مجالات الابتكار والتكنولوجيا.
من جهته، أعرب السيد وانغ بو عن شكره وتقديره للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، مؤكداً حرص مدينة تشينغداو على بناء شراكات استراتيجية مع الدول العربية، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات التقنية والاقتصادية.
تعتبر مدينة تشينغداو الصينية من المدن العالمية الرائدة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية. تقع المدينة على الساحل الشرقي للصين، مما يجعل ميناء تشينغداو أحد أكبر الموانئ في البلاد والعالم، التي تسهم بشكل كبير في حركة التجارة الدولية. المدينة هي مقر للعديد من الشركات العالمية التي تساهم في تحريك الاقتصاد المحلي والعالمي، وتعتبر نقطة محورية في الصناعات البحرية والطاقات المتجددة.
من الناحية التكنولوجية، تُعد تشنغداو مركزًا متقدمًا في الابتكار الرقمي والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوكشين، حيث تستثمر بشكل مكثف في البحث والتطوير. المدينة تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد الرقمي، وهي تعد نقطة انطلاق للعديد من المبادرات التكنولوجية التي تواكب التحولات العالمية في هذا المجال.
أبوظبي
في إطار مشاركته في فعاليات منتدى الاستثمار الصيني، المنعقد ضمن قمة AIM للاستثمار في أبوظبي، عقد الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى مع عدد من كبار المسؤولين من جمهورية الصين الشعبية، وذلك بهدف بحث سبل التعاون العربي-الصيني في مجالات الاقتصاد الرقمي ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى المنطقة العربية، والتعاون في تنظيم المؤتمرات والمعارض المتخصصة في المجالات الحيوية.
وشملت اللقاءات التي عقدها الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي كلاً من السيد هوانغ كايكسوان، نائب رئيس البلدية التنفيذي للحكومة الشعبية لمنطقة تيانهي في مدينة قوانغتشو، والسيد Zhuang Changxing، نائب مدير اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي لمقاطعة شنشي، بالإضافة إلى السيد وانغ بو، نائب رئيس بلدية مدينة تشينغداو الصينية.
وأكد سعادة د. علي محمد الخوري رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي خلال الاجتماعات أن الاتحاد يولي اهتماماً كبيراً بتعزيز شراكاته الدولية مع كبرى المدن الصينية الرائدة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا، وذلك في إطار استراتيجياته الرامية لدعم التحول الرقمي في الدول العربية، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات نقل التكنولوجيا، وتطوير الابتكار، وريادة الأعمال.
وأشار الخوري إلى أهمية التعاون مع الصين لما تتمتع به من قدرات صناعية وتكنولوجية متقدمة، مشيداً بانفتاح المسؤولين الصينيين واستعدادهم لدعم الشراكات مع الدول العربية، بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين.
من جهتهم، أعرب المسؤولون الصينيون عن تطلعهم للتعاون مع الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، مؤكدين استعدادهم لنقل الخبرات الصينية المتقدمة إلى المنطقة العربية، ودعم جهود بناء منظومات رقمية عربية متطورة، إلى جانب التعاون في تنظيم المعارض والمؤتمرات المتخصصة في الاقتصاد الرقمي والابتكار.
وأكد السيد هوانغ كايكسوان أن منطقة تيانهي تعد مركزاً رئيسياً في الابتكار وريادة الأعمال في الصين، معرباً عن ترحيبه ببحث فرص التعاون المشترك مع الدول العربية.
كما أشار السيد Zhuang Changxing إلى أهمية توسيع آفاق الشراكة مع المنطقة العربية في ضوء التطور الكبير الذي تشهده مقاطعة شنشي في المجالات التكنولوجية.
فيما أكد السيد وانغ بو على استعداد مدينة تشينغداو لدعم المشاريع الرقمية المشتركة مع الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، والتعاون في تنظيم الفعاليات والمعارض المتخصصة، بما يسهم في دعم التنمية الاقتصادية في الدول العربية.
أبوظبي
أشاد سعادة د. علي محمد الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ورئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج قابل للتطبيق في بقية الدول العربية لتحقيق السيادة الرقمية، مستشهدًا بمشاريع مثل مركز البيانات الضخمة للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، وتطوير مدينة مصدر كمركز للابتكار والتكنولوجيا النظيفة.
ودعا إلى تأسيس “ميثاق الاقتصاد الرقمي العربي-الدولي”، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: إنشاء صندوق عربي-دولي مشترك للاقتصاد الرقمي، تطوير بيئة تنظيمية موحدة تعزز التعاون والاستثمار الرقمي عبر الحدود، وإطلاق مراكز إقليمية للابتكار وتنمية المواهب الرقمية في العالم العربي.
جاء ذلك فى كلمة رئيسية في “منتدى الاستثمار الصيني” ضمن إطار فعاليات قمة “AIM” للاستثمارالتي انطلقت أمس في أبوظبي حيث تناول فيها أهمية الشراكات العربية الإقليمية والدولية لتحقيق السيادة الرقمية في المنطقة العربية.
وخلال كلمته، تطرق الدكتور الخوري إلى التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن مقاييس القوة والتأثير الدولي لم تعد تعتمد فقط على الحدود الجغرافية أو النشاط التجاري، بل باتت تُقاس بمدى امتلاك الدول للبنية التحتية الرقمية، والقدرة على تطوير التكنولوجيا، وتوظيفها في بناء اقتصاد معرفي متقدم.
وأشار إلى أن العالم العربي، رغم التقدم في معدلات الاتصال بالإنترنت، لا يزال يواجه تحديات كبيرة في مجال البنية التحتية الرقمية، حيث تستضيف الدول العربية أقل من 2% من مراكز البيانات العالمية، مما يشكل ثغرة استراتيجية تستوجب المعالجة.
وأكد أن الدول العربية باتت أمام واقع يتطلب إعادة صياغة موقعها في النظام العالمي الرقمي، ليس فقط من خلال تحديث البنية التحتية، بل أيضًا من خلال الدخول في شراكات إقليمية ودولية تُسهم في تمكينها من أدوات السيادة الرقمية الحديثة.
وفي هذا السياق، أوضح أن الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يضع في صميم أولوياته بناء شراكات استراتيجية مع المؤسسات والدول ذات الرؤى المتوافقة، بهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي في المنطقة العربية ودعم الاقتصادات الوطنية بوسائل متقدمة ومستدامة.
وأكد الدكتور الخوري على أن الشراكة مع الصين، من خلال مبادرة “الحزام والطريق الرقمي”، تمثل فرصة استراتيجية لتعزيز القدرات الرقمية العربية لافتا إلى أن هذه الشراكة بدأت تؤتي ثمارها في مشاريع ملموسة، مثل تطوير الذكاء الاصطناعي باللغة العربية في الرياض بالتعاون مع “هواوي”، وتحويل منطقة قناة السويس في القاهرة إلى مركز لإنتاج أشباه الموصلات بدعم استثمارات صينية، وتوسع شركات التكنولوجيا العالمية في الدار البيضاء في مجالات البحث والتطوير.
تجدر الإشارة إلى أن “منتدى الاستثمار الصيني” يُنظم ضمن فعاليات قمة الاستثمار السنوية “AIM 2025″، والتي تُعقد في أبوظبي بمشاركة واسعة من قادة الحكومات والمستثمرين والخبراء من مختلف دول العالم. ويأتي تنظيم المنتدى هذا العام بالتزامن مع الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، ويهدف إلى تسليط الضوء على فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الصين ودول العالم، وخاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
القاهرة
المصدر: جريدة الوفد
أ.د. علي محمد الخوري
شهد العالم العربي في العقود الأخيرة تحولاً لافتاً في توجهاته التنموية، حيث باتت مشاريع الجزر الاصطناعية جزءًا جوهريًا من استراتيجيات التنمية الاقتصادية والعمرانية. تأتي هذه المشاريع كاستجابة مباشرة للتحديات التي يفرضها النمو السكاني والتوسع الحضري، فضلاً عن دورها المحوري في استقطاب الاستثمارات وتعزيز القطاع السياحي. في هذا السياق، برزت عدة دول عربية كمحاور رئيسية في هذا المجال، حيث تشهد مصر والإمارات وقطر طفرة في تطوير مشاريع جزر اصطناعية بمواصفات عالمية.
الجزر الاصطناعية في العالم العربي: نماذج بارزة
في مصر، تأتي “أبو قير الجديدة” كأول مدينة مبنية بالكامل على جزيرة اصطناعية في شمال إفريقيا، وتهدف إلى حماية الإسكندرية من ارتفاع منسوب مياه البحر، فضلاً عن كونها مركزًا استثماريًا وسياحيًا متكاملاً. تمتد المدينة على مساحة 1400 فدان، محاطة بحاجز أمواج بطول 9200 متر، وتضم مرافق متطورة تشمل فنادق فاخرة، مناطق تجارية، مستشفيات، وأندية رياضية، ما يجعلها نقطة جذب للمستثمرين الإقليميين والدوليين.
أما في الإمارات، فقد استطاعت الدولة إعادة تعريف مفهوم التوسع العمراني عبر مشاريع ضخمة مثل “نخلة جميرا”، التي تعد من أبرز معالم دبي، و”جزيرة ياس” في أبوظبي التي باتت مركزًا سياحيًا عالميًا. ومؤخراً، أعلنت دبي عن مشروع “نخلة جبل علي” الذي سيمتد على مساحة 13.4 كيلومتر مربع، مضيفًا 110 كيلومترات إلى سواحل الإمارة، مع استهداف بناء أكثر من 80 فندقًا ومنتجعًا سياحيًا. كما دشنت الإمارة مشروع “جزر العالم”، وهو أرخبيل من 260 جزيرة اصطناعية تم تصميمه ليحاكي خريطة العالم.
وفي قطر، برزت “جزيرة اللؤلؤة”، التي تعد مدينة متكاملة مبنية على سلسلة من الجزر الاصطناعية، وتمتد على مساحة أربعة ملايين متر مربع. توفر الجزيرة 32 كيلومترًا من الشواطئ الجديدة، ويستهدف المشروع إيواء أكثر من 45 ألف ساكن، ليصبح بذلك أول منطقة تملك حر للأجانب في البلاد.
أبعاد اقتصادية واستراتيجية للجزر الاصطناعية
لا يقتصر دور الجزر الاصطناعية على كونها مشاريع سياحية أو معمارية، بل تمتد أبعادها إلى التأثير المباشر في الاقتصادات الوطنية. فهي تتيح توسعًا عمرانيًا مدروسًا يساعد في مواجهة الطلب المتزايد على العقارات السكنية والتجارية، فضلاً عن خلق فرص استثمارية نوعية، سواء في قطاعات العقارات أو الفندقة أو الترفيه. كما توفر هذه المشاريع بنية تحتية متقدمة قادرة على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ما ينعكس إيجاباً على معدلات النمو الاقتصادي.
إضافة إلى ذلك، تساهم هذه الجزر في توليد آلاف الوظائف في مختلف القطاعات، بدءًا من الإنشاءات والهندسة البحرية وصولًا إلى الضيافة والخدمات اللوجستية، مما يعزز من معدلات التوظيف ويحسن من مستويات المعيشة.
التحديات البيئية والاجتماعية
رغم المزايا الاقتصادية الهائلة التي تقدمها الجزر الاصطناعية، إلا أن هناك تحديات بيئية لا يمكن إغفالها. فالتوسع في هذه المشاريع قد يؤدي إلى تدمير البيئات البحرية الحساسة، مثل الشعاب المرجانية والموائل الطبيعية للكائنات البحرية، ما يتطلب حلولًا مبتكرة للحد من هذه التأثيرات. علاوة على ذلك، فإن تأثير هذه الجزر على الأنماط الديموغرافية قد يخلق تفاوتات اجتماعية جديدة، نتيجة التغيرات التي تطرأ على المشهد الحضري والأسعار العقارية.
بين الطموح والاستدامة
إن الرهان على الجزر الاصطناعية باعتبارها حلاً استراتيجياً لمتطلبات التنمية في العالم العربي يستوجب رؤية متكاملة لا تقتصر على المكاسب الاقتصادية، بل تمتد لتشمل الأبعاد البيئية والاجتماعية. فالمشاريع الكبرى لا تقاس فقط بحجمها أو تكلفتها، بل بمدى انسجامها مع معايير الاستدامة، وقدرتها على خلق مدن مستقبلية متوازنة تحترم النظم البيئية وتراعي التحولات الديموغرافية.
التحدي الحقيقي لا يكمن في بناء جزر اصطناعية، بل في كيفية توظيفها بذكاء ضمن منظومة تنموية متكاملة. من الضروري أن تعتمد هذه المشاريع على الطاقة المتجددة، وتتبنى تقنيات البناء المستدام، وتفرض سياسات بيئية صارمة لضمان الحد الأدنى من التأثيرات السلبية. وحدها المشاريع التي تنجح في تحقيق هذا التوازن ستكون قادرة على أن تصبح نماذج عالمية يُحتذى بها، بدلاً من أن تكون مجرد إنجازات معمارية معزولة عن السياق البيئي والاجتماعي الأوسع.
أبوظبي
في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز مكانة الشرق الأوسط في مجال البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، تم الإعلان عن إطلاق مركز “الحكمة” للأبحاث كمبادرة استراتيجية تهدف إلى ترسيخ دور المنطقة كمركز عالمي للابتكار والتطوير المعرفي. وتأتي هذه المبادرة استجابةً للحاجة المتزايدة إلى مؤسسات بحثية قادرة على توجيه مسارات التنمية، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، والعلوم التطبيقية، والتعاون البحثي المشترك على المستويين الإقليمي والدولي.
يقود هذا المشروع الطموح سعادة د. علي محمد الخوري، أحد الشخصيات العربية البارزة ورئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، والبروفيسور محمد فارمر، مؤسس المعهد البريطاني للتكنولوجيا في لندن بالمملكة المتحدة.
يأخذ مركز “الحكمة” طابعًا إقليميًا مشابهًا لبرنامج “هورايزون أوروبا”، لكنه يركز على الحلول المبتكرة التي تتناسب مع التحديات والفرص في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. إذ يسعى المركز إلى بناء مستقبل مستدام قائم على المعرفة والابتكار والتعاون، عبر استثمار الموقع الجغرافي المحوري للمنطقة كجسر يربط الأسواق العالمية، والاستفادة من تنوعها الثقافي كحاضنة للأفكار، وتسخير إمكاناتها التكنولوجية المتنامية في تطوير حلول عملية لمواجهة التحديات المستقبلية.
رؤية البحث والابتكار في العالم العربي والإسلامي
أكد الدكتور علي محمد الخوري، الذي يساهم في صياغة رؤية مركز “الحكمة”، أن المركز يسعى إلى تطوير بيئة بحثية متقدمة قائمة على مبدأ التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والعلمية في العالم العربي والإسلامي. وأوضح أن المبادرة تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولات تكنولوجية كبيرة، تستدعي وجود منصات بحثية عربية قادرة على المساهمة في بناء اقتصادات قائمة على المعرفة. وأردف قائلاً:
“لطالما لعب الشرق الأوسط دورًا محوريًا في مسارات التجارة والفكر الإنساني وكملتقى للحضارات. واليوم، لدينا فرصة للاستفادة من مواردنا البشرية والاقتصادية لوضع منطقتنا في مصاف المراكز العالمية للابتكار والتكنولوجيا. ‘مركز الحكمة’ ليس مجرد مشروع بحثي، بل خطوة نحو بناء منظومة معرفية متكاملة تدعم مستقبلنا المشترك.”
من جانبه، أشار البروفيسور محمد فارمر، المتخصص في التكنولوجيا والابتكار، إلى أن المركز يمثل منصة للتعاون البحثي والتكنولوجي بين العلماء والمبتكرين في العالم العربي والإسلامي، ويهدف لإيجاد حلول عملية للتحديات الاقتصادية والتنموية في المنطقة. وأضاف:
“مركز ‘الحكمة’ يوفر إطارًا علميًا يجمع الباحثين والمفكرين وصنّاع القرار في العالم العربي والإسلامي، لبحث سبل تطوير التكنولوجيا وتوظيفها في مجالات حيوية مثل الطاقة، والصحة، والصناعة. هذه الجهود المشتركة هي مسارات يمكنها أن تمهد الطريق لمستقبل قائم على الابتكار والاقتصاد المعرفي.”
المجالات الرئيسية لـ “مركز حكمة”
يركّز مركز “الحكمة“ على مجالات بحثية وتطبيقية محورية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والمعرفية في العالم العربي والإسلامي، من خلال توظيف التكنولوجيا والعلوم الحديثة لمعالجة التحديات الإقليمية وإيجاد حلول مبتكرة بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص، تسهم في تطوير القطاعات الحيوية. وتشمل المجالات الأساسية ما يلي:
رؤية لتنويع الاقتصاد
يتمثل أحد الأهداف الأساسية لمركز “الحكمة” في تقليل اعتماد الشرق الأوسط على المفاهيم الاقتصادية التقليدية، والانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة. وفي هذا السياق، أوضح سعادة د. علي محمد الخوري أهمية هذا التحول قائلاً:
“لقد كان النفط حجر الأساس لاقتصاداتنا لعقود، لكن المستقبل ينتمي لمن يستثمر في المعرفة والابتكار. مركز ‘الحكمة’ سيكون جزء أساسي من هذا التحول.”
وأضاف البروفيسور محمد فارمر:
“من خلال الاستثمار في البحث والابتكار اليوم، فإننا نؤسس لمستقبل مستدام ومزدهر. لن يقتصر دور مركز ‘الحكمة’ على مواجهة تحديات اليوم، بل سيخلق فرصًا جديدة للأجيال القادمة.”
التعاون والشراكات الدولية
سيعمل مركز “الحكمة” على تكوين علاقات بحثية واسعة مع البرامج الدولية مثل “هورايزون أوروبا”، إضافة إلى التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والشركات التكنولوجية العالمية، لضمان مواءمة مشاريعه مع أفضل الممارسات العالمية وتطوير فرص البحث والتطوير المشترك.
وأكد سعادة د. علي محمد الخوري على أهمية هذه الشراكات بقوله:
“الابتكار لا يعرف الحدود. بالتعاون مع الشركاء الدوليين، يمكننا تسريع وتيرة التقدم وضمان أن يبقى الشرق الأوسط في طليعة التطور التكنولوجي.”
بدوره، نوه الدكتور محمد فارمر على أن التعاون هو جوهر رؤية مركز “الحكمة”، قائلاً:
“التعاون هو العنصر الأساسي في نجاح مركز ‘الحكمة’. من خلال توحيد جهود الخبراء من جميع أنحاء العالم، يمكننا تحقيق ما لا تستطيع أي دولة أو مؤسسة تحقيقه بمفردها.”
دعوة للعمل من أجل العالم العربي والإسلامي
يتجاوز مركز “الحكمة” كونه مجرد مشروع بحثي، فهو يمثل دعوة للعمل من أجل توحيد جهود العالم العربي والإسلامي والاستثمار في المستقبل. فمن خلال تجميع الموارد، ومشاركة المعرفة، والعمل لتحقيق أهداف مشتركة، يمكن للمنطقة التغلب على التحديات واغتنام الفرص التي يتيحها القرن الحادي والعشرون.
واختتم الدكتور علي الخوري حديثه برسالة أمل وتفاؤل قائلاً:
“مركز ‘الحكمة’ هو دليل على ما يمكننا تحقيقه عندما نعمل معًا. إنه رؤية لمستقبل أكثر إشراقًا، قائم على المعرفة والابتكار والتعاون. دعونا نغتنم هذه الفرصة ونبني إرثًا يستفيد منه الأجيال القادمة.”
وأضاف الدكتور محمد فارمر:
“مركز ‘الحكمة’ ليس مجرد مبادرة تكنولوجية، بل هو استثمار في الإنسان. إنه مشروع يهدف إلى بناء مستقبل يتمتع فيه الجميع بفرص متكافئة للنمو والازدهار. معًا، يمكننا تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة.”
القاهرة
المصدر: جريدة الوفد
أ.د. علي محمد الخوري
تمتلك المنطقة العربية موقعًا استراتيجيًا وثروة طبيعية هائلة تجعلها مؤهلة للتحول إلى قطب عالمي في إنتاج الطاقة المتجددة. فمع وفرة مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، تمتلك الدول العربية فرصة استثنائية لإعادة تشكيل المشهد الطاقي العالمي، شريطة أن يتم استغلال هذه الموارد ضمن رؤية متكاملة تستند إلى التعاون الإقليمي وتوظيف أحدث الابتكارات التكنولوجية. ولكن غياب الاستراتيجيات الشاملة قد يُبقي هذه الإمكانات مجرد احتمالات غير مستغلة، في وقت تتسابق فيه القوى الاقتصادية الكبرى نحو إحراز تفوق في قطاع الطاقة المستدامة.
لا يقتصر تطوير قطاع الطاقة المتجددة على تأمين احتياجات المنطقة من الكهرباء فقط، بل يمثل ركيزة لتحول اقتصادي أعمق، قادر على إعادة رسم ملامح المشهد التنموي في الدول العربية. فمن خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، تستطيع الاقتصادات العربية تحرير موازناتها العامة من تقلبات أسواق النفط العالمية، وتحقيق الاستقرار المالي عبر تنويع مصادر الدخل القومي. كما أن الاستثمار في الطاقة النظيفة يسهم في تحسين التنافسية الإقليمية، ويضع الدول العربية في موقع متقدم ضمن الأسواق الدولية التي أصبحت تعتمد بشكل متزايد على معايير الاستدامة في التجارة والاستثمار.
تشير البيانات إلى أن الاستثمارات العربية في قطاع الطاقة تجاوزت 880 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس إدراك الحكومات لأهمية هذا القطاع في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. فاقتصادات مثل الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت، ومصر، تعمل على تطوير مشاريع ضخمة تهدف إلى تطوير البنية التحتية الطاقية، سواء في مجال الوقود الأحفوري أو مصادر الطاقة المتجددة، والذي سيفتح بدوره آفاقًا جديدة لتكامل اقتصادي أكثر فعالية. غير أن السؤال الجوهري يظل متمحورًا حول مدى قدرة هذه الدول على استغلال هذه الاستثمارات لإحداث تحول هيكلي عميق يضمن استدامة النمو الاقتصادي بعيدًا عن التقلبات الدورية لسوق النفط.
في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة، أصبح التعاون الإقليمي في مجال الطاقة عنصرًا أساسيًا في صياغة مستقبل المنطقة. فالتكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم تدرك أن استراتيجيات الطاقة لا تقتصر على الجوانب التقنية بشكل بحت، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموازين القوى السياسية والتجارية. إن تعزيز التكامل العربي في مجال الطاقة، عبر مشاريع مشتركة كتوحيد شبكات الكهرباء وإقامة مجمعات صناعية متخصصة في تصنيع مكونات الطاقة المتجددة، يمكن أن يجعل من المنطقة لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي، وليس مجرد مستهلك أو مورد للمواد الخام.
وعلى الرغم من هذه الفرص، تواجه المنطقة العربية تحديات بنيوية تعيق تحقيق التكامل المطلوب في قطاع الطاقة المتجددة. فالتوترات السياسية بين بعض الدول، والافتقار إلى أطر قانونية وتنظيمية موحدة، يعرقلان تنفيذ المشاريع العابرة للحدود، ويحدّان من قدرة القطاع الخاص على لعب دور محوري في تطوير البنية التحتية الطاقية. كما أن غياب سياسات شفافة لجذب الاستثمارات الأجنبية، واستمرار الاعتماد على الدعم الحكومي لقطاع الطاقة التقليدي، يبطئان عملية التحول نحو نموذج اقتصادي قائم على الاستدامة.
إذا أرادت الدول العربية تجاوز هذه العقبات، فإنها بحاجة إلى إعادة النظر في سياساتها الطاقية من منظور استراتيجي شامل، يتجاوز الأطر الوطنية الضيقة إلى تكامل إقليمي حقيقي. يتطلب ذلك إنشاء آليات مؤسسية تضمن تنسيق السياسات الطاقية بين الدول، ووضع برامج لتمويل المشاريع المشتركة عبر صناديق استثمارية إقليمية، إلى جانب بناء شراكات دولية مع القوى الرائدة في قطاع التكنولوجيا الخضراء. كما أن الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة، من خلال إنشاء مراكز ابتكار إقليمية، سيضع المنطقة في موقع يمكنها من المنافسة عالميًا، بدلاً من الاكتفاء باستهلاك الابتكارات المستوردة.
عامةً، مستقبل المنطقة العربية في مجال الطاقة يتوقف على قدرتها على إعادة تعريف موقعها ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية. فإما أن تبقى عالقة في نماذج اقتصادية تقليدية، تعتمد على تصدير المواد الخام، أو أن تتبنى نهجًا استباقيًا يجعلها قوة مؤثرة في رسم سياسات الطاقة العالمية. الخيار الأول يحمل معه مخاطر التبعية والتهميش، بينما يفتح الخيار الثاني الباب أمام تحول تاريخي قادر على إعادة تموضع العالم العربي كقوة اقتصادية مستدامة، تمتلك من الإمكانات ما يؤهلها لتكون أحد أعمدة النظام الطاقي العالمي الجديد.
عن الاتحاد | |
---|---|
المبادرات | |
المعرفة | |
الخدمات | |
المركز الإعلامي | |
اتصل بنا |