الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يبحث سبل تطوير التشريعات والقوانين الرقمية مــع البرلمان العربي

...
التاريخ: 18 - 04 - 2024

أبوظبي

عقد الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي عضو المكتب التنفيذي لملتقي الاتحادات العربية النوعية والمتخصصة بجامعة الدول العربية اجتماعاً تنسيقياً مع لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بالبرلمان العربي بجامعة الدول العربية، لبحث سبل التعاون في إعداد التشريعات ومراجعة القوانين القائمة وعمل مصفوفة تشريعية تتضمن نماذج لأهم القوانين والتشريعات الوطنية والإقليمية والدولية التي يمكن الاسترشاد بها في الدول العربية بما يعزز العمل العربي المشترك ويحقق التكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة.

 

حضر الاجتماع كل من سعادة د.م /علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية رئيس مجلس إدارة الاتحاد، وسعادة المستشار / كامل محمد فريد شعراوي الأمين العام في البرلمان العربي، وسعاة السفير / محمد خير عبد القادر الأمين العام للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، وممثلين عن كلا الجانبين.

 

وخلال الاجتماع قدم د أيمن مختار غنيم الأمين العام المساعد في الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي عرض تقديمي تضمن نبذة عن بعض المبادرات المنبثقة عن الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي كمبادرة سوق الغذاء العربي، ومبادرة التدريب والتعليم، ومبادرة تأهيل مليون رائد أعمال عربي، كما تم التطرق إلى لجنة السياسات والتشريعات وهي إحدى اللجان الدائمة والرئيسية بالاتحاد وتم تعيينها من قبل الجمعية العامة للاتحاد بدورته الأخيرة بديسمبر الماضي بالقاهرة، و يترأسها معالي المستشار خيري الكباش رئيس محكمة الاستئناف بمصر، وتضم بعضويتها كوكبة متنوعة من المستشارين والمختصين والشركات المعنية بتلك النوعية من الاستشارات.

فرض الاستثمار في التعليم والصحة في مصر

...
التاريخ: 18 - 04 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

بينما تشرع مصر فى تنفيذ خطتها الاقتصادية للفترة 2024-2030، تظهر أهمية محورية لقطاعى التعليم والرعاية الصحية. هذه القطاعات ليست مجرد مكونات للبنية التحتية، بل ركائز أساسية للارتقاء بنوعية وجودة الحياة وتعزيز النمو الاقتصادى المستدام.

تشير البيانات إلى تزايد الطلب على التعليم الخاص فى مصر، مدفوعاً بازدهار الطبقة المتوسطة والاعتراف المتزايد بقيمة التعليم الجيد. ويشكل هذا الطلب المتزايد أرضاً خصبة للاستثمار فى المؤسسات التعليمية الجديدة وتعزيز المؤسسات القائمة، كما يوفر مشهد التدريب المهنى إمكانات غير مُستغلة لأنه يتماشى بشكل وثيق مع الطموحات الصناعية للبلاد، ويجعل منها نقطة استثمار استراتيجية تعد بعوائد اجتماعية واقتصادية​. وتؤكد الإحصاءات أن قطاع التعليم العالى أيضاً يوفر فرصا مُربحة. فمع توجه الحكومة نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، أصبحت تظهر الحاجة الكبيرة للجامعات والكليات المتخصصة التى تتوافق مع متطلبات السوق المتطورة. ويتضخم نمو هذا القطاع من خلال انتشار منصات التعليم الرقمى، وهو ما يعكس التحول العالمى نحو أنظمة التعلم الرقمية.

على الصعيد الآخر، يعد قطاع الرعاية الصحية فى مصر من القطاعات الاستثمارية المُهمة، خاصة مع احتياجاتها لإنشاء مرافق ومستشفيات جديدة وتوسيع المرافق القائمة. وتشير التوقعات الحالية إلى الحاجة إلى ما يصل إلى 120 ألف سرير جديد بحلول عام 2030، وهو ما قد يترجم إلى فرص استثمارية تقدر بمليارات الدولارات​. وتمثل المراكز والعيادات الطبية المتخصصة مجالًا آخر للنمو، خاصة تلك التى تقدم خدمات العيادات الخارجية والرعاية النهارية، والتى أصبحت ذات شعبية متزايدة بين السكان المصريين.

أضف إلى ذلك، توسع سوق الأدوية السريع، والمدعوم بالإصلاحات المستمرة والطلب المتزايد على المنتجات الطبية. وبالمثل، يشهد سوق التأمين الصحى نمواً كبيراً، مدفوعاً ببرنامج التأمين الصحى الشامل الذى أطلقته الحكومة، والذى يهدف إلى التغطية الكاملة بحلول عام 2032.

هذه المعطيات تدفع النهج الذى تتبعه مصر للتنمية المستدامة لمزيد من دمج التكنولوجيا فى التعليم وتعزيز ممارسات كفاءة استخدام الطاقة فى مجال الرعاية الصحية. المقصود هنا ليس إطلاق المبادرات للتحديث، بل لجعل هذه القطاعات الحيوية قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية المستقبلية.

ولتعزيز مناخ الاستثمار العام فى هذه القطاعات، يتعين هنا على صناع السياسات الإبحار فى مشهد لا يزال متسماً بالتعقيدات البيروقراطية والضغوط التنافسية، والعمل على تخفيف هذه التحديات من خلال مزيد من الحوافز المالية والإصلاحات التنظيمية. ولا بد من مواءمة دقيقة للفرص الاستثمارية مع الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الأوسع المبنية فى خارطة الطريق الاقتصادية لتحقيق المرونة وأهداف التنمية العالمية.

رؤية مصر للذكاء الاصطناعي والأثر الاقتصادي

...
التاريخ: 10 - 04 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

تقف مصر أمام لحظة فارقة للاستثمار فى قطاع الذكاء الاصطناعى لتعزيز نموها الاقتصادى وتقدمها الاجتماعى. الطموح المُعلن فى الرؤية الوطنية يتجسد فى دمج الذكاء الاصطناعى بصورة فعالة عبر مختلف القطاعات، بما يُمكن من تحقيق قفزات نوعية فى مسارات التنمية المستدامة. الهدف المنشود، وفقًا للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى، يتمثل فى رفع مساهمة الذكاء الاصطناعى لأكثر من 42.7 مليار دولار فى الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2030، أى ما يعادل 7.7% من الناتج المحلى بحلول عام 2030.

من اللافت على المستوى العام، بأن البنية الرقمية فى مصر تشهد تطورات متسارعة، مع مبادرات التحول الرقمى فى القطاع الحكومى وزيادة الشمول المالى بين السكان، حيث أصبح لدى 56٪ من البالغين فى مصر حساب بنكى، ومن المتوقع أن تصل حسابات المحافظ النقدية إلى 57.9 مليون بحلول عام 2025. تمهد هذه الجاهزية الرقمية الأرضية الخصبة لتكامل الذكاء الاصطناعى عبر قطاعات متعددة.

وتقوم الحكومة المصرية، بالشراكة مع عمالقة شركات التكنولوجيا العالمية، بتبنى مسارات استراتيجية لتطوير البنية التحتية الرقمية والتحول الرقمى وتوفير بيئة مواتية لتطبيقات الذكاء الاصطناعى. هذه الشراكات بإمكانها أن تفتح آفاقًا واسعة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى والتى تعد بإحداث ثورة فى قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة، والسياحة، والخدمات المالية، ويعزز من كفاءة الخدمات ويقدم حلولًا مبتكرة للتحديات المعاصرة.

على سبيل المثال، فى قطاع الرعاية الصحية، يمكن للذكاء الاصطناعى إحداث تطورات ثورية فى أساليب التشخيص والعلاج وتطوير الأدوية، وتحسين نتائج المرضى وتقديم الرعاية الصحية. كما يمكن لأدوات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعى تحسين تجارب التعلم وتكييف التعليم مع احتياجات الطالب الفردية، وصقل الطلاب بالمهارات المطلوبة. فى الزراعة، يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعى زيادة المحاصيل الزراعية، وتحسين استخدام الموارد، وتعزيز كفاءة سلاسل التوريد، وتدعيم الأمن الغذائى والإنتاجية الزراعية. فى قطاع السياحة، يمكن للذكاء الاصطناعى تحسين تجارب السياح من خلال التوصيات الشخصية، والمساعدة الافتراضية، وتحسين تقديم الخدمات، وتحسين إيرادات السياحة. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعى فى الخدمات المالية من شأنه أن يسهم فى مكافحة الاحتيال، وتحسين الخدمات المصرفية، وتبسيط العمليات المالية، وتحقيق شمول مالى أوسع وكفاءة أكبر.

ولكى تستفيد مصر من الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعى، من الضرورى لصانعى السياسات معالجة بعض التحديات القائمة بما فى ذلك الفجوات فى المهارات، والحاجة إلى بنية تحتية رقمية قوية، وتأمين التمويل الكافى لمشاريع الذكاء الاصطناعى، بالإضافة إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لقيادة الابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، والاستثمار فى برامج التعليم والتدريب لبناء قوة عاملة ماهرة قادرة على دفع تطور الذكاء الاصطناعى، وتبنى الأطر التنظيمية والمعايير التى تضمن استخدام الذكاء الاصطناعى بطرق مسؤولة وتعزز الاستخدامات الأخلاقية والمؤثرة اجتماعيًا، وذلك لكسب ثقة الجمهور وضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنيات فى خدمة المجتمع.

وبالنظر إلى الإمكانيات الواسعة التى يحملها الذكاء الاصطناعى، والجهود المبذولة على الصعيد الوطنى لتبنيه، يظل التفكير النقدى والتحليل العميق أساسًا لفهم كيفية توظيف هذه التقنية فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر.

انخفاض قيمة العملة المصرية وارتفاع أسعار الفائدة

...
التاريخ: 03 - 04 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

تواجه مصر، مثل العديد من الاقتصادات الناشئة، مجموعة معقدة من التحديات الاقتصادية. واستجابة لهذه التحديات، نفذت الحكومة المصرية تدابير متنوعة مثل تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الفائدة منذ مارس 2022. وقد أثارت هذه القرارات نقاشات بين الاقتصاديين وصناع السياسات بشأن مدى فعاليتها وعواقبها المحتملة.
بشكل عام، كان قرار تحرير العملة مسألة استراتيجية من وجهة نظر الحكومة لتعزيز القدرة التنافسية للصادرات ومعالجة الاختلالات التجارية. فالعملة الأضعف تجعل الصادرات فى متناول المشترين الأجانب، وتسهم فى تعزيز عائدات التصدير وتضييق العجز التجارى، كما أنه يمكن أن يحفز الصناعات المحلية من خلال جعل الواردات أكثر تكلفة نسبيًا، وبالتالى تشجيع المستهلكين على شراء السلع المنتجة محليًا.

إلا أنه ومع ذلك، فإن انخفاض قيمة العملة له أيضًا جوانبه السلبية، فقد أدى تراجع قيمة العملة إلى ارتفاع نسب التضخم وتكلفة السلع المستوردة، وأثر على القوة الشرائية للمستهلكين وتفاقم مسألة عدم المساواة فى الدخل. وبحسب الآراء الاقتصادية، فإن الانخفاض الحاد فى قيمة العملة من شأنه أن يؤدى إلى تراجع ثقة المستثمرين، وتردد رؤوس الأموال ويؤدى بالتبعية إلى المزيد من انخفاض قيمة العملة. بالفعل، فى حين أن انخفاض قيمة العملة يمكن أن يوفر فوائد قصيرة الأجل، إلا أن العملية يجب أن تدار بعناية ودقة شديدة من صناع السياسات لتجنب العواقب السلبية الطويلة الأجل.

نأتى إلى موضوع رفع أسعار الفائدة، والتى تُعد أداة السياسة النقدية التقليدية، لمكافحة التضخم وتحقيق استقرار العملة. وطمحت الحكومة من هذه الخطوة تمكين البنوك المركزية أن تعمل على تقييد الطلب المحلى، وبالتالى الحد من الضغوط التضخمية، وعلى أمل أن تجتذب أسعار الفائدة المرتفعة تدفقات رأس المال الخارجية، ودعم العملة الوطنية وتدعيم احتياطيات النقد الأجنبى. إلا أن الآراء الاقتصادية طرحت بعض الأثار العكسية التى قد ترافق هذ القرار وإمكانية أن يؤدى إلى إضعاف النمو الاقتصادى ورفع معدلات البطالة، وزيادة تكلفة الاقتراض للشركات المستثمرة والمستهلكين. إلى جانب أن أسعار الفائدة المرتفعة يمكن أن تثقل كاهل الموارد المالية للحكومة وترفع تكاليف خدمة الدين، وتؤدى إلى مزاحمة الإنفاق على الخدمات العامة الأساسية والبنية التحتية.

لتجنب الآثار السلبية، من الضرورى أن يتبنى صناع السياسات منهجية متوازنة فى التعامل مع خفض قيمة العملة، والتركيز على تعزيز القدرات التنافسية للصادرات مع تخفيف التأثير السلبى على المستهلكين المحليين. ويجب أن يشمل ذلك ليس مجرد تنفيذ برامج الإعانات والدعم بل تعزيز شبكات الأمان الاجتماعى لتخفيف آثار ارتفاع أسعار الواردات على الفئات السكانية الضعيفة، خاصة المرتبطة بتوسيع نطاق الوصول إلى برامج الرعاية الصحية والتعليم والمساعدة الاجتماعية لضمان النمو الشامل.

كما أن التواصل الفعال من جانب صانعى السياسات يُعدّ أمرًا ضروريًا لإدارة توقعات السوق وبناء الثقة. وينبغى للبنوك المركزية أن توضح مُبرراتها وراء قرارات أسعار الفائدة بشكل علمى ومنطقى وتقديم إرشادات وتوجيهات مُسبقة لتوجيه استراتيجيات المشاركين فى السوق واتخاذ القرارات.

وينبغى التركيز أيضًا على معالجة نقاط الضعف الهيكلية الأساسية فى الاقتصاد المصرى لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل. يتعين على صناع السياسات أن يعطوا الأولوية للإصلاحات الرامية إلى تحسين الإنتاجية، وتعزيز القدرات التنافسية، وجذب الاستثمار الأجنبى. ويجب أن تشمل المخصصات الاستثمارية تطوير قطاعات التعليم والبنية التحتية، وتبسيط الأنظمة الحكومية والتحول الرقمى، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال.

ويتوجب أيضًا التركيز على تنويع قاعدة الصادرات لتنويع وتوسيع القطاعات والأسواق الرئيسية. ومن شأن ذلك أن يعزز قدرة الدولة المصرية على الصمود فى مواجهة التوترات الجيوسياسية والعالمية ويعزز النمو الاقتصادى المستدام. ويتعين على صناع السياسات استكشاف الفرص المتاحة لتطوير صناعات جديدة وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق الناشئة.

فعالية هذه التدابير تتوقف على تنفيذها الدقيق وتناغمها مع الإصلاحات الاقتصادية الأوسع.

 

الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يبحث سبل التعاون مــع إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية

...
التاريخ: 02 - 04 - 2024

أبوظبي

عقد الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي عضو المكتب التنفيذي لملتقي الاتحادات العربية النوعية والمتخصصة بجامعة الدول العربية اجتماعاً تنسيقياً مع إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية، لبحث سبل التعاون في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية.

حضر الاجتماع كل من سعادة السفير / محمد خير عبد القادر الأمين العام للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، وسعادة السفيرة ندى العجيزي مدير إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي، ود. أيمن مختار غنيم الأمين العام للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي وممثلين عن كلا الجانبين.

تناول الاجتماع مناقشة إعداد مشروع تصور لتشجيع الدول العربية على الاستثمار في المجال الرقمي، وإبراز دوره في تحقيق التنمية المستدامة، وكذلك مناقشة عقد ورشة عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة لإبراز التجارب العربية في مجال الاستثمار الرقمي كنماذج عربية ناجحة ومميزة.

فرص المسارات الجديدة في خطط مصر الاقتصادية

...
التاريخ: 28 - 03 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

فى إطار المخططات الاقتصادية الطموحة التى تعتزم مصر تنفيذها فى الأعوام القادمة، تلوح فى الأفق رؤية استراتيجية لإحداث تغييرات وتحولات جذرية وواسعة تتخطى مجرد الطموح نحو تحقيق النمو الاقتصادى لتشمل بناء أسس الاستدامة والمعرفة والشمول. تتبلور هذه الرؤية الاستراتيجية من خلال مجموعة من الجهود والمبادرات المتداخلة لتحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية، والتكيف والاستجابة مع التغيرات والتحديات بمرونة. ولكن هناك عدة محاور يجب الانتباه إليها فى هذا المسعى.

من الضرورى أن تركز هذه الرؤية على دعم أركان الاستقرار الاقتصادى كأساس لأى نمو مستقبلى. ويشمل ذلك الحفاظ على استقرار الأسعار، والحفاظ على الانضباط المالى، ومعالجة الدين العام بروح المسئولية نحو الاستدامة. فالهدف هنا ليس فقط تحقيق استقرار مؤقت بل بناء اقتصاد قائم على المعرفة يتوافق مع اتجاهات التنمية المستدامة العالمية.

كما أن المخططات الاقتصادية يجب ألا تغفل عن طموح إحداث نقلة نوعية فى مستويات الحياة فى المجتمع المصرى. المطلوب هو النظر إلى قطاعات التعليم والصحة ليس كمجرد مجالات للتطوير، بل كمحاور أساسية لتحقيق تقدم شامل لتحسين جودة الخدمات المقدمة، ورفع المستوى المعيشى للمواطنين وخلق فرص عمل جديدة. ومن الضرورى ألا تعتمد نماذج التنمية الاقتصادية على الأرقام والإحصائيات فقط، بل أيضاً بحجم التأثير المباشر على تحسين نوعية وجودة الحياة لكافة طبقات المجتمع.

ولا بد أن تعترف الخطط الاقتصادية بالدور المحورى الذى يمكن أن تلعبه مصر على الساحة العالمية، خاصة من خلال الاستخدام الاستراتيجى لقناة السويس، ليس فقط كقناة للتجارة ولكن كأداة للدبلوماسية الاقتصادية وتعزيز مكانة مصر كمركز تجارى ولوجستى رئيسى فى العالم وكرمز لتطلعات مصر الأوسع للتعاون الدولى والشراكات الاستراتيجية.

كما أنه من الضرورى أن تحرص الخطط الاقتصادية على دمج وتفعيل دور الشباب المصرى فى قيادة عجلة الابتكار والتطوير والتى تعد خطوة أساسية نحو تحقيق تقدم حقيقى. وذلك يدعو إلى الاستثمار فى توفير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة تلبى احتياجات المجتمع، وتشجيع البحث العلمى والمبادرات الريادية بين الشباب، وكذلك خلق منصات تفاعلية تمكنهم من المشاركة الفعالة فى صنع القرارات الاقتصادية والتنموية.

تقف مصر على أعتاب مرحلة جديدة مليئة بالطموح والأمل والتحدى، ولكنها تملك من المقومات الكفيلة بتدعيم قدراتها لتجاوز التحديات التى يطرحها العصر الحديث. وفى خضم الخطط الاقتصادية الطموحة والجريئة، فإن السرد الأساسى يبقى ويتلخص فى التحول فى السياسات الاقتصادية والتحول الصناعى والمنظومة الإنتاجية، والذى يجب أن يشمل أيضاً تغييراً فى العقليات والممارسات.

يدعو هذا صناع السياسات والمستثمرين لإعادة النظر بعمق فى مفاهيم النمو والاستدامة والتقدم الذى يلبى الاحتياجات الوطنية فى عالم متسم بالترابط والعولمة المتزايدة. بالطبع الرحلة المقبلة محفوفة بالتحديات، ولكنها تحمل فى طياتها فرصة لتموضع مصر فى النظام الاقتصادى العالمى كقوة اقتصادية وسياسية مؤثرة. كما يحث ذلك أيضاً على ضرورة التفكير والتخطيط الاستباقى لمستقبل معتمد على نموذج تنموى مستدام ومُنصف، يراعى تحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية لضمان بناء مجتمع قوى ومتماسك قادر على الصمود فى وجه التحديات المستقبلية.

المشهد الاقتصادي العربي بين آفاق النمو والتحديات الهيكلية

...
التاريخ: 27 - 03 - 2024

أبوظبي

المصدر: جريدة الاتحاد

مفكرو الإمارات

يُتوقَّع أن تشهد الأسواق الناشئة تعافياً اقتصاديّاً العام الجاري (2024)، عقب الركود الذي مرَّت به في العام الماضي. وتشير التوقعات إلى أن اقتصادات عربية عدَّة ستحقق نموّاً يُقدَّر بنحو 3.3 في المئة هذا العام، مقارنةً بـ2.2 في المئة عام 2023. ويأتي هذا النمو في ظل استمرار التحديات الهيكلية المُرتبطة بالاعتماد المفرط على قطاعات مُحددة، وارتفاع مستوى الدين العام، وضعف كفاءة الهيئات العامة والخاصة وشفافيتها، والاختلالات في توازن سوق العمل، والاضطرابات السياسية، وعدم كفاية البنية التحتية، والفوارق الاجتماعية؛ إضافةً إلى الضعف الاقتصادي الخارجي المرتبط بظروف السوق العالمية والسياسات الخارجية. وتمثل هذه العوامل مُجتمعةً عقبات أمام تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتنمية شاملة في الأسواق العربية الناشئة على الرغم من سرعة نموها الاقتصادي، وتطور بنيتها التحتية وأسواقها المالية.

ويُرجَّح أن تشهد مُعدلات التضخم انخفاضاً إلى نحو 3.6 في المئة هذا العام، مقارنة بـ9.3 في المئة العام الماضي؛ ويعود هذا التراجع إلى عوامل عدَّة، منها انخفاض الضغوط المؤثرة في قيمة العملات الوطنية مُقابل العملات الأجنبية، إضافةً إلى تراجع التقلبات في أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة. وتشير تقارير إلى أنه يُنتظَر أن تركِّز السياسات العامة في الدول العربية على تعديل السياسات المالية والنقدية لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، وتعيد النظر في سياسات الدعم، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وتطوير أُطر نقدية داعمة للاستقرار الاقتصادي والمالي.

وفي المُجمل سيشهد الأداء الاقتصادي للدول العربية تبايناً ملحوظاً؛ متأثراً بالأحداث الدولية الرئيسية، مثل استمرار الحرب في أوكرانيا. ويُرجَّح أن تحقق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نموّاً اقتصاديّاً جيداً، مستفيدةً من انتعاش أسواق النفط. وبالمثل تتطلع مصر إلى تحقيق نمو بنسبة 4.3 في المئة، مدفوعة بالطلب المتزايد للغاز، وكذلك يرجَّح أن تشهد الدول المتأثرة بالصراعات، مثل العراق والدول العربية الأقل نموّاً، تحسناً ملحوظاً في أدائها الاقتصادي.

وبالرغم من أن التوقعات العامة تظل مُتفائلة فإن التحديات الهيكلية ستبقى عائقاً؛ فلا تزال ديون القطاع العام تُمثّل مصدر قلق في عدد من الدول العربية؛ كما أن توقعات النمو في المدى المتوسط ضعيفة نسبيّاً. ويَفرض تنوع الظروف الاقتصادية في جميع أنحاء الوطن العربي اتباع سياسات محدَّدة بحسب الخصائص الاجتماعية والاقتصادية الفريدة لكل منطقة؛ ما يعني أن التدابير الوطنية يجب أن تكون مستجيبة للوضع الاقتصادي العام، والعوامل المحلية التي تؤثر في الاقتصاد الكلي بكل دولة عربية.

وفيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تزال الدول العربية تواجه تحديات كبيرة في قطاع سوق العمل، يتمثل أحدها في ارتفاع معدلات البطالة الملحوظة، التي تؤثر سلباً في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة. ووفقاً لإحصائيات دولية تشير البيانات إلى أن نسبة البطالة في الدول العربية لا تزال مرتفعة بمتوسط من 8 إلى 10 في المئة. ولا شكَّ في أن مثل هذه التحديات المُركَّبة -التي تتزامن مع محدودية قدرة الاقتصادات العربية على توفير فرص عمل كافية للشباب والباحثين عن عمل- قد تؤدي في أبسط أشكالها إلى تراكم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتعميقها، وتغلق منافذ الخروج من هذه الأزمات.

وما نراهُ أن عام 2024 سيمثل رحلة أخرى مملوءة بالتحديات بالنسبة إلى الاقتصادات العربية، على الرغم من الآفاق التي تبدو واعدة للنمو. ويتعين على السياسات الوطنية أن تعمل برؤية استراتيجية لإيجاد توازن بين تلبية الحاجات الاقتصادية الفورية مثل مواجهة ضغوط التضخم، وإرساء الأسس لتنمية مستدامة طويلة الأجل. ولا بدَّ للسياسات في الدول العربية أن تعالج قضية الفوارق الاجتماعية عن طريق تحسين وضع سوق العمل، وتنفيذ إجراءات فعَّالة لتعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية، ودعم وتشجيع إنشاء الشركات الصغيرة والمشروعات الناشئة ونموها، وتوفير التدريب المهني للشباب، وصقل مهاراتهم، وضمان مواءمتها الحاجات الفعلية والعملية بواقعيَّة.

ونؤكد أهمية تعزيز التعاون الإقليمي والتكامل التجاري الذي يؤدي إلى فتح أسواق جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي؛ ويمكن للدول العربية أن تعمل على خفض الحواجز التجارية، ومواءمة الأنظمة، وإنشاء سوق عربية أكثر تكاملًا؛ فهذه المُوجهات من شأنها أن تدعم اتجاه الاقتصادات العربية إلى الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي، وتبني دعائم المرونة والقدرة على التكيف، وهي مَحاور عمل كفيلة بتجاوز كثير من التحديات المتوقعة، وتسخير الفرص التي تنشأ من المشهد العالمي المُتغير.

 

الإصلاحات والتنمية في مصر

...
التاريخ: 21 - 03 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

يمر الاقتصاد العالمى بفترة مليئة بالتحديات والتحولات الكبيرة، وذلك فى ظل سعى الدول لإنشاء مسارات تنموية مرنة ومستدامة. وشرعت مصر فى هذا الإطار بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والمبادرات الاستراتيجية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلى وتحفيز النمو الذى يقوده القطاع الخاص.

إحدى الخطوات الهامة مؤخراً، هو توصل السلطات المصرية وصندوق النقد الدولى إلى اتفاق لزيادة تسهيلات الصندوق من حوالى 3 مليارات دولار إلى حوالى 8 مليارات دولار. ستضغط هذه المخصصات اتجاه ترسيخ التزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية الشاملة، بما فى ذلك اعتماد سعر صرف أكثر مرونة، وتشديد السياسات النقدية والمالية، وخفض الإنفاق على البنية التحتية لمكافحة التضخم والحفاظ على القدرة على تحمل الديون مع تهيئة بيئة مواتية لنشاط القطاع الخاص.

وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والقضايا الهيكلية المحلية، بذلت مصر جهوداً لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية من خلال السماح لعملتها بالانخفاض بشكل كبير منذ مارس 2022، ورفع أسعار الفائدة، وإدخال تدابير التخفيف الاجتماعى لدعم الشرائح الضعيفة من سكانها.

عامةً، المشهد الاقتصادى فى مصر لا زال يعتريه الكثير من التعقيدات، ويتسم بتحديات طويلة الأمد مثل عبء الديون الخارجية الثقيل، وتقلبات سعر العملة، والدور الكبير الذى تلعبه مؤسسات الدولة فى الاقتصاد، وهو كما يصفه أصحاب الرأى، الحلقة التى تثنى الاستثمار وتقوض المنافسة.


وتماشياً مع إطار الشراكة القُطرية الجديد للبنك الدولى لمصر للسنوات المالية 2023-2027، تهدف الاستراتيجية إلى مساندة أجندة التنمية فى مصر من خلال ثلاث نتائج رئيسية، والتى تتمحور حول تعزيز فرص العمل فى القطاع الخاص، وتحسين نتائج رأس المال البشرى، وزيادة القدرة على الصمود فى مواجهة التحديات والصدمات الاقتصادية. وتشمل هذه الاستراتيجية الشاملة تحسين البيئة التمكينية للاستثمارات الخاصة، وتطوير جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وتدعيم إدارة الاقتصاد الكلى وتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ.

بالنسبة لصانعى السياسات، فإنه من الضرورى مواصلة وتعميق الإصلاحات الهيكلية لتعزيز بيئة الأعمال وتشجيع المنافسة والحد من هيمنة الدولة على الاقتصاد، إلى جانب تعزيز الحوكمة والشفافية، لا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات المملوكة للدولة، لبناء ثقة المستثمرين وتعزيز تكافؤ الفرص لمشاركة القطاع الخاص. كما أنه من الضرورى إعطاء الأولوية للميزانيات الاستثمارية فى رأس المال البشرى، بما فى ذلك الصحة والتعليم، لدعم النمو الاقتصادى والتماسك الاجتماعى على المدى الطويل. ويجب أن تتزامن هذه المحاور مع توسيع برامج شبكات الأمان الاجتماعى لحماية الفئات السكانية الأكثر ضعفا من الآثار المباشرة للتعديلات الاقتصادية والصدمات الاقتصادية العالمية.

نجاح الخطط سوف يتوقف على قدرة البلاد على مواجهة التحديات المباشرة، وتحرير اقتصادها، وتسخير إمكانات الشباب والتقدم التكنولوجى. الرحلة المقبلة وإن كانت مليئة بالتحديات، إلا أنها تأتى بالعديد من الفرص لدولة على أعتاب إعادة تعريف دورها على ساحة الاقتصاد العالمى.

الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يستعرض مشروعي سوق الغذاء العربي ومنصة التعليم والتدريب في اجتماع مجلس إداراته

...
التاريخ: 19 - 03 - 2024

أبوظبي

عقد الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي عضو المكتب التنفيذي لملتقي الاتحادات العربية النوعية والمتخصصة بجامعة الدول العربية اجتماعاً تنسيقياً برئاسة سعادة د. علي محمد الخوري رئيس مجلس الإدارة ، وبحضور كل من معالي المهندس/ عاطف حلمي رئيس الجمعية العمومية، ومعالي الوزير / عمرو سالم وزير التجارة الخارجية ووزير الاتصالات والتقانة سابقاً في الجمهورية العربية السورية ، ومعالي/ د. هانئ محمد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سابقاً في جمهورية مصر العربية، ومعالي/ رقية الدرهم كاتبة الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مكلفة بالتجارة الخارجية سابقاً بالمملكة المغربية، وسعادة/ اللواء يحيى بن زاحم، ود. محمد القرش- معاون وزير الزارعة واستصلاح الأراضي – مصر، وسعادة/ عبد الله الجابري، وسعادة/ ليلى الجاسم، وسعادة السفير / محمد خير عبد القادر– الأمين العام للاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي.

تناول الاجتماع استعراض نتائج دراسات الجدوى والإجراءات التي اتخذها الاتحاد لتفعيل منصة سوق الغذاء العربي حيث أنها أول منصة عربية لتجارة الغذاء بين شركات التصدير والاستيراد ، ولتسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية والأسواق العالمية، والتي تتضمن تقديم خدمات الدعم الأساسية للمعاملات التصديرية، والتي تتضمن “النقل – الخدمات اللوجستية – التخزين – الفحص والاختبار والتصنيف – إصدار الشهادات – التمويل والإقراض – التأمين – التخليص الجمركي”، كما وتعتمد آليات التنفيذ على تكنولوجيا البلوك تشين، والتي من خلالها يمكن تحويل المستحقات المالية وفق آلية التعاقد المتفق عليها وتضمنها المنصة من خلال حساب بنكي وسيط يسمح بسداد المبالغ بموجب إنجاز الأعمال والموافقات على النظام، لتنتقل ما بين المحافظ الرقمية من المستورد إلى المُصَدِّر.

كما تم مناقشة أهمية تطوير قطاع الأمن الغذائي في المنطقة العربية، وكيفية استخدام التكنولوجيا والابتكار في عرض منتجات المصدرين والمستوردين بالمنصة، بهدف تحقيق التحول الرقمي وتعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز التكامل الرقمي وتوفير فرص اقتصادية وتنموية كبيرة في المنطقة العربية حيث أبدى الأطراف الترحيب بالتعاون المشترك.

تضمن الاجتماع أيضاً عرضاً آخر حول مشروع الجامعة الرقمية العربية والتي ستعمل كمنصة رقمية متكاملة للتعليم والتدريب لتقديم المحتوى التعليمي الرقمي للجامعات والمعاهد ومراكز التدريب العربية المعتمدة وبتكاليف منخفضة ولغات مختلفة عبر الإنترنت وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، وستعمل المنصة كأداة هامة وجديدة لنشر العلم والمعرفة لتغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول غرب إفريقيا.، حيث أعلن الأمين العام المساعد للاتحاد عن الاتفاق مع اتحاد الجامعات العربية على تخصيص المرحلة التجريبية لصالح غزة والسودان من المنصة الرقمية بالتعاون مع الشريك التكنولوجي للمنصة.

 

تعمل منصة التعليم الرقمي وبالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية على تعزيز التعليم المستمر والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالتنمية البشرية، من خلال المسارات التعليمية المصممة لتلبية احتياجات سوق العمل، ورفع قدرات طلاب وخريجي الجامعات وموظفي الوطن العربي، ودعم التحول الرقمي في المؤسسات الجامعية والتعليمية العربية.

أثنى الحاضرون على المشروعين وأكد أعضاء مجلس الإدارة على أهمية الاستثمار المشترك من الجهات العربية، سواء الحكومية أو الخاصة بكلا المشروعين تأكيداً على مبدأ العمل العربي المشترك وتعزيزاً لدفع هذين المشروعين لأبعادهما الإقليمية المستحقة.

المشهد الاقتصادي في مصر والتحديات والمسارات الاستراتيجية

...
التاريخ: 13 - 03 - 2024

القاهرة

المصدر: جريدة الوفد

أ.د. علي محمد الخوري

على الرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التى تواجهها مصر داخليًا، إلا أن المسار الاقتصادى الوطنى لا يزال يُظهر إشارات النمو، حتى وإن كان ذلك يحدث بوتيرة أبطأ من المتوقع. لكن المشهد الاقتصادى العام يترافق مع ارتفاع ملحوظ فى معدل التضخم السنوى، الذى بلغ مستويات قياسية وصلت إلى 30% فى يناير 2024، بينما قفز تضخم أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من 70%، وهو ما ألقى بثقله على التكلفة المعيشية للمواطن العادى.

كما أن مصر تعانى من عبء كبير من الديون الخارجية نتيجة لسلسلة الاقتراض التى شهدتها فى السنوات الأخيرة. ويتفاقم هذا التحدى بشكل كبير بسبب انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار الفائدة، حيث تبتلع مدفوعات الفائدة أكثر من 45% من إجمالى الإيرادات منذ منتصف عام 2023. ثم إنه وعلى الرغم من الدخل المتأتى من قناة السويس وقطاع السياحة، إلا أن ارتفاع أسعار النفط والنزاعات القائمة فى غزة والتوترات الجيوسياسية الأخرى بدأت تشكل عائقًا. يُضاف إلى ذلك استمرار ضعف الاستثمار الأجنبى فى البلاد، باستثناء قطاع النفط والغاز، مما يزيد من صعوبات مساعى التعافى الاقتصادى.

لمواجهة التحديات الاقتصادية المتعددة، يتعين على صناع السياسات تبنى نهج استراتيجى يجمع بين التدابير التكتيكية الفورية والإصلاحات البنيوية الطويلة الأجل. نقطة البداية الحاسمة تكمن فى توسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص، باعتباره محرك النمو والابتكار لدفع النمو الاقتصادى. ويجب أن يتبع تنفيذ مثل هذه السياسات تبسيط الأطر التنظيمية، والحد من العقبات البيروقراطية، وخلق مناخ صديق للاستثمار، لخلق فرص العمل، ورفع مستوى الكفاءة.

ويبرز التنويع الاقتصادى المستدام كركيزة استراتيجية أخرى. فالاعتماد على قناة السويس والسياحة لتحصيل الإيرادات من العملات الأجنبية، ورغم كونه مفيدًا، إلا أنه يعرض الاقتصاد لنقاط ضعف خارجية. كما أن التنويع فى قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والقطاعات الخدمية يمكن أن تخفف من هذه المخاطر ويتيح الاستفادة من مصادر جديدة للنمو والتنمية. ويستلزم هذا التحول عقلية ابتكارية داعمة لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، ومشجعة لتبنى التكنولوجيات الجديدة.

كما أن توسيع وتحسين شبكات الأمان الاجتماعى أمر حتمى لحماية الشرائح الضعيفة من السكان من التداعيات المباشرة للإصلاحات والتكيفات الاقتصادية. فمعدلات التضخم والبطالة المتفاقمة بسبب التعديلات الهيكلية والصدمات الخارجية، أثرت على استقرار الأسواق والمستوى المعيشى للمواطن المصرى. وعلى هذا النحو، فإن التدخلات الاجتماعية لتوسيع نطاق التغطية، وتدعيم آليات التنفيذ، وضمان كفاية الدعم، يمكن أن تساهم فى الحفاظ على التماسك الاجتماعى خلال الفترات الانتقالية.

نأتى إلى محور إدارة الديون المتنامية وضمان الاستدامة المالية. إن عبء الديون المتزايد، إذا لم تتم إدارته بمنهجية وحكمة، يمكن أن يعيق الآفاق الاقتصادية. وهو ما يتطلب تبنى خطط واضحة لإدارة الديون، إلى جانب الانضباط المالى وتحديد أولويات النفقات المعززة للنمو، وكعنصر ضرورى للحفاظ على الاستقرار الاقتصادى وثقة المستثمرين. ومن الأهمية أن تشمل الخطط استكشاف الخيارات وفرص إعادة هيكلة الديون، وتحسين تحصيل الإيرادات، وترشيد الإنفاق العام بهدف تخصيص الموارد المالية لمشاريع التنمية عالية التأثير.

وأخيرا، يُشكل إعطاء الأولوية للتعليم وتنمية المهارات أمرًا أساسيًا لمعالجة عدم التطابق البنيوى فى سوق العمل. فالقوى العاملة المتعلمة والماهرة حجر زاوية فى الاقتصاد الحديث. ولا بد من دراسة تخصيص ميزانيات استثمارية لقطاع التعليم والتدريب المهنى ومبادرات التعلم المستمر، وخاصة لفئة الشباب، لتزويدهم بالمهارات والكفاءات اللازمة لتحقيق النجاح فى سوق العمل المتغير والتنافسى. ومن شأن تشجيع الشراكات بين المؤسسات التعليمية والصناعات لمواءمة المناهج الدراسية مع احتياجات السوق أن يزيد من قابلية التوظيف والإنتاجية.

هذه التوصيات هى عناصر حاسمة لدعم الإصلاحات الهيكلية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص والاستعادة التدريجية لاستقرار الاقتصاد الكلى لضمان التنمية المستدامة والرخاء لجميع المصريين.