هونغ كونغ
في إطار جولته الآسيوية الرامية إلى بناء شراكات دولية مؤثرة وذات جدوى في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، أجرى الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي سلسلة من اللقاءات الاستراتيجية في جمهورية الصين الشعبية، بمشاركة سعادة الدكتور علي محمد الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ورئيس مجلس إدارة الاتحاد، والدكتور أيمن غنيم، الأمين العام المساعد، إلى جانب فريق المكتب الإقليمي للاتحاد في الصين، ممثلاً بالسيد تانج تانج والسيد جيت داي.
تهدف هذه اللقاءات إلى استكشاف فرص التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، والبنية التحتية المالية الرقمية، بما يتماشى مع “الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي”، ويُسهم في بناء منظومات تقنية متقدمة تستجيب لاحتياجات التنمية المستدامة في الدول العربية.
حلول جغرافية للأمن السيبراني والبنية التحتية الذكية
في أولى اللقاءات، التقى وفد الاتحاد مع الدكتور براين لين، نائب الرئيس التنفيذي لشركة UniStrong Science & Technology Co., Ltd، وهي شركة متخصصة تأسست عام 2004 ومقرها بكين، وتعمل في أنظمة الملاحة وتحديد المواقع الدقيقة، حيث تم استعراض تقنيات الأمن الجغرافي والتمثيل الرقمي للمواقع (Digital Twinning)، التي تُستخدم في النقل الذكي، وإدارة الطوارئ، والدفاع، والزراعة الدقيقة.
ناقش الطرفان إمكانية توظيف هذه الحلول في حماية البنية التحتية الحيوية في الدول العربية، وتم الاتفاق على إعداد دراسة مشتركة لتحديد أفضل التطبيقات الممكنة في السياق العربي، بما يعزز الأمن الوطني والمؤسسي باستخدام تقنيات متقدمة.
كما وناقش الطرفان مجال الربط الجغرافي الآمنة والنمذجة الرقمية للمواقع، والتي يمكن توظيفها في حماية البنية التحتية الحيوية في الدول العربية. واتفق الطرفان على تطوير دراسة مشتركة لأفضل حالات الاستخدام (Use Cases) التي تسهم في رفع مستويات الأمن الوطني والمؤسسي باستخدام التقنيات الذكية.
مدن ذكية قائمة على البيانات الجغرافية
في لقاء ثانٍ، التقى الوفد مع مع السيد جون لاى، مدير البرامج وفريق عمل مشروع ” BeiDou Navigation Satellite System” للملاحة عبر الأقمار الصناعية، والسيد فرانكي تشونغ، المدير التنفيذي لشركة Cybernaut المتخصصة في تطوير المدن الذكية.
يذكر بأن شبكة BeiDou اليوم تضم أكثر من 60 قمراً صناعياً، وتقدم خدمات تحديد المواقع بدقة تصل إلى 5 أمتار، وتُستخدم على نطاق واسع في النقل الذاتي، وإدارة المرور، والمطارات، والموانئ، ومباني المدن الذكية، عبر تطبيقها الشهير AMAP — أحد أشهر تطبيقات الخرائط والملاحة في آسيا.
وقد بحث الجانبان فرص التعاون في بناء بنى تحتية جغرافية ذكية تدعم المركبات ذاتية القيادة، وأنظمة إدارة المرور، وإنترنت الأشياء، مع التركيز على نقل التقنية وتوطينها في الدول العربية.
وقد أعرب الجانب الصيني عن استعداده الكامل لدعم نموذج الشراكة العربية–الصينية الذي يطرحه الاتحاد، من خلال مشاريع مشتركة تهدف إلى بناء قدرات محلية وتطوير حلول مخصصة للمنطقة.
عملة رقمية مستقرة مدعومة بأصول استراتيجية

وفي لقاء آخر عُقد بحضور السيد فوك بنجامين تشون يو، وعدد كبير من خبراء المعهد، التقى وفد الاتحاد مع معهد (Real World Asset) — وهو مركز بحثي متخصص في ربط الأصول المادية (كالذهب والنفط والعقارات) بالأنظمة المالية الرقمية، وتطوير أدوات استثمارية قائمة على تقنية البلوك تشين.
وسلطت الشركة الضوء على بعض الأمثلة الدولية لإصدار عملة رقمية عالمية مستقرة، مدعومة بأصول استراتيجية مثل الذهب والنفط، وسبل اكتسابها القبول الدولي والتوافق مع معايير الشفافية والحوكمة.
وقد تم الاتفاق بين الطرفين على إعداد دراسة بحثية مشتركة توضح آلية تطوير نظام سداد رقمي جديد في المنطقة العربية، يتميز بالاستقرار النقدي، وانخفاض التكلفة، والموثوقية العالية، وليُقدم نموذجًا مكملاً للعملات التقليدية. ووصف المشاركون المشروع بأنه سيكون خطوة نوعية قد تُعيد تشكيل خريطة الاقتصاد الرقمي في المنطقة، وتمنح الدول العربية أدوات مالية إضافية ذات سيادة رقمية حقيقية.
رؤية استراتيجية لبناء جسور رقمية
وفي ختام اللقاءات، أكد الدكتور علي الخوري أن هذه المبادرات تمثل نقطة انطلاق نحو بناء شراكات استراتيجية عربية–صينية في قلب الثورة الصناعية الرابعة، مشيرًا إلى أن “الصين ليست مجرد شريك تجاري، بل مصدر إلهام تكنولوجي واستثماري للعالم العربي”.
وأضاف: “نحن لا نبني فقط جسورًا رقمية بين منطقتين، بل نعيد تعريف العلاقة بين الحاضر والمستقبل. هذه المشاريع تحمل أبعاد اقتصادية واستراتيجية، وستُحدث تحولات جوهرية في كيفية إدارة الأصول وتبادلها وحمايتها.
