نينغشيا، الصين
شهدت مدينة ينتشوان في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بجمهورية الصين الشعبية، انطلاق فعاليات الدورة السابعة من معرض الصين والدول العربية، الحدث الاقتصادي والتجاري البارز الذي استقطب أكثر من 7600 مشارك، من بينهم شخصيات رفيعة المستوى ومسؤولون وممثلون عن قطاع الأعمال من 75 دولة ومنطقة حول العالم. كما شارك في المعرض ممثلون عن أكثر من 2200 جمعية ومؤسسة تجارية، اجتمعوا في ينتشوان لتعزيز جسور التعاون، واستكشاف مسارات جديدة للتنمية المشتركة، وفتح آفاق أوسع للشراكة في إطار روح الصداقة التاريخية وملحمة “طريق الحرير” المعاصرة.
وانعقدت فعاليات المعرض هذا العام تحت شعار: “الابتكار، التنمية الخضراء، والازدهار”، حيث تضمن حفل الافتتاح أنشطة للترويج للتجارة والاستثمار في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، إلى جانب فعاليات خاصة بالدولة الضيف والمقاطعة المضيفة. كما خُصصت ست مناطق رئيسية للعرض، من بينها جناح للدول المشاركة في المبادرة، وأخرى للتعاون الاقتصادي الإقليمي.
وفي هذا السياق، شارك الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في أعمال الدورة السابعة، التي استضافتها مقاطعة نينغشيا خلال الفترة من 28 إلى 31 أغسطس 2025، وذلك في إطار جهوده لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري في مجال الاقتصاد الرقمي، وبما ينسجم مع رؤية “طريق الحرير الرقمي” ضمن مبادرة الحزام والطريق.
ومثل الاتحاد في هذه الفعاليات سعادة الدكتور عبدالله الدرمكي، نائب الأمين العام للاتحاد، الذي ألقى كلمة رئيسية في المنتدى، أكد فيها أن الاقتصاد الرقمي ليس مجرد قطاع تكنولوجي، بل هو إطار شامل لإعادة تشكيل سلاسل القيمة، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين الإنتاجية، ودعم الشمول الاقتصادي والمالي.
كما شدد الدكتور الدرمكي على أهمية الشراكة بين الصين والعالم العربي، مؤكدًا أنها ليست مجرد صفقات تجارية، بل هي تبنٍّ استراتيجي لمنظومة “طريق حرير رقمي” تهدف إلى تحسين شروط التبادل التجاري وخلق وظائف ذات قيمة مضافة. وأضاف أن هذه المنظومة تفتح أبوابًا جديدة للمواهب وتوفر خدمات أفضل للمواطنين.
كما تناول في كلمته دور الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في صياغة “الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي” التي اعتمدتها القمة العربية في عام 2022، وضرورة تيسير وصول الشركات العربية إلى الخدمات السحابية، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي. ودعا إلى تشجيع التكامل التنظيمي بين الأطر الصينية والعربية في مجالات التجارة الإلكترونية وحماية المستهلك لتقليل التكاليف وتوفير الوقت.
وأفاد بأن الشراكة بين الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي وجمهورية الصين الشعبية تعتبر محورًا استراتيجيًا يهدف إلى تجاوز مفهوم التجارة التقليدية إلى بناء منظومة متكاملة. يؤكد الاتحاد أن هذه الشراكة ليست مجرد صفقات تجارية منفردة، بل هي تبنٍّ استراتيجي لمنظومة “طريق حرير رقمي”. هذه المنظومة تهدف إلى تحسين شروط التبادل التجاري وخلق وظائف ذات قيمة مضافة، بالإضافة إلى فتح أبواب جديدة للمواهب العربية، وتوفير خدمات أفضل للمواطنين.
وتشمل هذه الشراكة مشاريع ملموسة ستعود بالنفع على المنطقة، مثل إنشاء مراكز للبيانات ومراكز للبحوث العلمية، وبرامج متخصصة لبناء القدرات وتنمية المهارات البشرية في مجالات الاقتصاد الرقمي والتقنيات المتقدمة.
تستند هذه الشراكة إلى تكامل المزايا التنافسية للجانبين؛ حيث تمتلك الصين خبرات تقنية وصناعية وتمويلية هائلة، بينما يمتلك العالم العربي شبابًا متعلمًا وأسواقًا واعدة وموقعًا جغرافيًا استراتيجيًا. ويسعى الاتحاد إلى أن يكون حلقة الوصل التي تجمع بين هذه المزايا من خلال حوكمة رشيدة ورؤية مشتركة، مما يؤدي إلى قصص نجاح تتجاوز الحدود الاقتصادية إلى بناء الثقة المتبادلة وتحقيق السلام والازدهار.
وفي ختام كلمته، وجه الدكتور الدرمكي دعوة عملية ومفتوحة للحكومات والشركات والجامعات لتسمية نقاط اتصال وطنية للتعامل مباشرة مع مكتب الاتحاد في هونغ كونغ. وأوضح أن هذه الخطوة تهدف إلى تسريع الإجراءات وإزالة العوائق، وبدء تحالفات معرفية تعزز التعاون الثنائي، بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين، ودعا الشركات إلى تسجيل اهتمامها وفق قوالب الفرص المعيارية التي نوفّرها، تمهيدًا لعقد جلساتٍ تنفيذيةٍ ثنائية خلال أسابيع. كما نفتح الباب أمام الجامعات ومراكز الأبحاث للانخراط في تحالفاتٍ معرفية تُمدّ المشاريع بالمهارات والبيانات والنماذج.
وشهدت فعاليات معرض الصين والدول العربية توقيع الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي لعدد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم الاستراتيجية مع جهات صينية بارزة، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد الرقمي. وفيما يلي نبذة عن كل اتفاقية:
مذكرة تفاهم مع مجلس نينغشيا لترويج التجارة الدولية: تهدف المذكرة إلى إقامة شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي. ومن أبرز بنودها تنظيم “قمة نينغشيا-الصين-العرب للاقتصاد الرقمي”. كما تنص المذكرة على تأسيس منصة مشتركة لخدمات التوسع التجاري، بهدف تلبية احتياجات الشركات الصينية والعربية وتعزيز تطورها ثنائي الاتجاه
مذكرة تفاهم مع مكتب التجارة في مدينة تشينغداو: تهدف المذكرة إلى إقامة شراكة استراتيجية لتعميق التعاون الرقمي بين الجانبين. وستعمل الاتفاقية على الاستفادة من نقاط القوة الصناعية والموقع الجغرافي لمدينة تشينغداو، بالإضافة إلى شبكة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي التي تغطي 22 دولة عربية، لدفع عجلة التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي
مذكرة تفاهم مع مركز شنشي تشانغآن للابتكار الصناعي: تهدف هذه الاتفاقية إلى بناء منصة لخدمات التوسع التجاري العالمية الشاملة للشركات. وستعمل الشراكة على تشجيع إقامة مركز “صيني-عربي للبحوث الرقمية”، بالإضافة إلى استضافة قمم دولية سنوية.
أوضح السيد شونغ تاو، نائب المدير العام للشؤون العامة في مجموعة علي بابا الدولية للتجارة الرقمية خلال الاجتماع الذي عقد معه، إلى أهمية الترويج لفعاليات “نينغشيا – الصين والاقتصاد الرقمي العربي”، مؤكدًا أن هذه الفعاليات تمثل منصة لتعزيز الشراكات العملية بين الشركات المحلية ونظرائها في المنطقة العربية. كما أوضح أن المجموعة تتطلع إلى بناء جسور تعاون مع الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي في عدد من المبادرات المستقبلية، وفي مقدمتها مشروع المركز العربي للأغذية (Arab Food Hub) الذي يُتوقع أن يسهم في تطوير سلاسل الإمداد الغذائية وتوسيع نطاق التجارة الرقمية بين الجانبين.
وقد جاءت مشاركة الاتحاد استجابة لدعوة رسمية من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية – المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وذلك انطلاقًا من دوره كشريك استراتيجي في دعم مبادرات التعاون الاقتصادي العربي–الدولي، وتعزيز حضوره في المحافل الدولية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي والتكامل الاقتصادي، بما يسهم في إبراز الدور العربي في صياغة توجهات الاقتصاد العالمي الجديد.
وخلال المعرض، نُظّم أكثر من 40 نشاطًا للتبادل الاقتصادي والتجاري شملت ثمانية قطاعات رئيسية، أبرزها التبادلات بين مجتمعات الأعمال الصينية والعربية، نقل التكنولوجيا، والتعاون في مجال الابتكار. كما استضاف المعرض مؤتمر التعاون والابتكار والتنمية الصيني العربي حول “التجارة الإلكترونية على طريق الحرير”.
ويهدف المعرض إلى ترسيخ إنجازات التعاون في المجالات التقليدية مثل العلوم والتكنولوجيا، حفظ المياه، الزراعة الحديثة، والرعاية الصحية، مع التوسع في استكشاف محركات جديدة للنمو مثل الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة.